سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ١٦١
عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له إلا من عذر " (1). أخرجه ابن ماجة، عن عبد الحميد، فوافقناه بعلو.
روى بشرويه بن محمد المغفلي: أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد الإسفراييني قال: حدثنا أبو الحسن الصفار الفقيه قال: كنا عند الحسن بن سفيان، وقد اجتمع إليه طائفة من أهل الفضل، ارتحلوا إليه، فخرج يوما فقال: اسمعوا ما أقول لكم قبل الاملاء: قد علمنا أنكم من أبناء النعم، هجرتم الوطن، فلا يخطرن ببالكم أنكم رضيتم بهذا التجشم للعلم حقا، فإني أحدثكم ببعض ما تحملته في طلب العلم:
ارتحلت من وطني، فاتفق حصولي بمصر في تسعة من أصحابي طلبة العلم، وكنا نختلف إلى شيخ أرفع أهل عصره في العلم منزلة، فكان يملي علينا كل يوم قليلا، حتى خفت النفقة، وبعنا أثاثنا، فطوينا ثلاثا، وأصبحنا لا حراك بنا، فأحوجت الضرورة إلى كشف قناع الحشمة وبذل الوجه، فلم تسمح أنفسنا، فوقع الاختيار على قرعة، فوقعت علي، فتحيرت وعدلت، فصليت ركعتين، ودعوت، فلم أفرغ حتى دخل المسجد شاب معه خادم، فقال: من منكم الحسن بن سفيان؟ قلت: أنا، قال: إن الأمير طولون يقرئكم السلام ويعتذر من الغفلة عن تفقد أحوالكم، وقد بعث بهذا، وهو زائركم غدا. ووضع بين يدي كل واحد مئة دينار، فتعجبنا وقلنا: ما القصة؟.. قال: دخلت عليه بكرة فقال: أحب أن أخلو اليوم.
فانصرفنا، فبعد ساعة طلبني، فأتيته فإذا به يده على خاصرته لوجع ممض

(1) إسناده صحيح، وقد صرح هشيم بالتحديث عند الحاكم، وتابعه عبد الرحمن بن غزوان عنده أيضا. وأخرجه ابن ماجة (293) في المساجد: باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، والدارقطني: 161، وصححه ابن حبان (426) والحاكم: 1 / 245، ووافقه الذهبي.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»