سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ١٠١
قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع. فزجر عن الخوض في ذلك من الطرفين.
وأما داود فقال: القرآن محدث. فقام على داود خلق من أئمة الحديث، وأنكروا قوله وبدعوه، وجاء من بعده طائفة من أهل النظر، فقالوا: كلام الله معنى قائم بالنفس، وهذه الكتب المنزلة دالة عليه، ودققوا وعمقوا، فنسأل الله الهدى واتباع الحق، فالقرآن العظيم، حروفه ومعانيه وألفاظه كلام رب العالمين، غير مخلوق، وتلفظنا به وأصواتنا به من أعمالنا المخلوقة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " زينوا القرآن بأصواتكم " (1). ولكن لما كان الملفوظ لا يستقل إلا بتلفظنا، والمكتوب لا ينفك عن كتابة، والمتلو لا يسمع إلا بتلاوة تال، صعب فهم المسألة، وعسر إفراز اللفظ الذي هو الملفوظ من اللفظ الذي يعنى به التلفظ، فالذهن يعلم الفرق بين هذا وبين هذا، والخوض في هذا خطر. نسأل الله السلامة في الدين. وفي المسألة بحوث طويلة، الكف عنها أولى، ولا سيما في هذه الأزمنة المزمنة.

(1) أخرجه من حديث البراء بن عازب أحمد: 4 / 283، و 285، و 296، و 304، والدارمي: 2 / 474، وأبو داود: (1468)، والنسائي: 2 / 179 - 180، وابن ماجة (1342) وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان: (660)، والحاكم.
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»