سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ١٠٦
بغداد إبراهيم الحربي. بل سكتوا له، حتى لقد قال قاسم بن أصبغ:
ذاكرت الطبري - يعني ابن جرير - وابن سريج، فقلت لهما: كتاب ابن قتيبة في الفقه أين هو عندكما؟ قالا: ليس بشئ، ولا كتاب أبي عبيد، فإذا أردت الفقه فكتب الشافعي، وداود، ونظرائهما (1).
ثم كان بعده ابنه أبو بكر، وابن المغلس، وعدة من تلامذة داود، وعلى أكتافهم مثل: ابن سريج، شيخ الشافعية، وأبي بكر الخلال، شيخ الحنبلية، وأبي الحسن الكرخي شيخ الحنفية، وكان أبو جعفر الطحاوي بمصر. بل كانوا يتجالسون ويتناظرون، ويبرز كل منهم بحججه، ولا يسعون بالداودية إلى السلطان. بل أبلغ من ذلك، ينصبون معهم الخلاف، في تصانيفهم قديما وحديثا، وبكل حال، فلهم أشياء أحسنوا فيها، ولهم مسائل مستهجنة، يشغب عليهم بها، وإلى ذلك يشير الإمام أبو عمرو بن الصلاح، حيث يقول: الذي اختاره الأستاذ أبو منصور، وذكر أنه الصحيح من المذهب، أنه يعتبر خلاف داود. ثم قال ابن الصلاح: وهذا الذي استقر عليه الامر آخرا، كما هو الأغلب الأعرف من صفو الأئمة المتأخرين، الذين أوردوا مذهب داود في مصنفاتهم المشهورة، كالشيخ أبي حامد الإسفراييني، والماوردي، والقاضي أبي الطيب، فلولا اعتدادهم به لما ذكروا مذهبه في مصنفاتهم المشهورة.
قال: وأرى أن يعتبر قوله إلا فيما خالف فيه القياس الجلي، وما أجمع عليه القياسيون من أنواعه، أو بناه على أصوله التي قام الدليل القاطع على بطلانها، فاتفاق من سواه إجماع منعقد، كقوله في التغوط في الماء

(1) تقدم الخبر قبل صفحات.
(١٠٦)
مفاتيح البحث: مدينة بغداد (1)، الحرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»