سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ١٠٥
بمسألة معلومة البطلان، كمسح الرجلين، أدبناهم، وعزرناهم، وألزمناهم بالغسل جزما.
قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني: قال الجمهور: إنهم - يعني نفاة القياس - لا يبلغون رتبة الاجتهاد، ولا يجوز تقليدهم القضاء (1).
ونقل الأستاذ أبو منصور البغدادي، عن أبي علي بن أبي هريرة، وطائفة من الشافعية، أنه لا اعتبار بخلاف داود، وسائر نفاة القياس، في الفروع دون الأصول.
وقال إمام الحرمين أبو المعالي: الذي ذهب إليه أهل التحقيق: أن منكري القياس لا يعدون من علماء الأمة، ولا من حملة الشريعة، لأنهم معاندون، مباهتون فيما ثبت استفاضة وتواترا، لان معظم الشريعة صادر عن الاجتهاد، ولا تفي النصوص بعشر معشارها، وهؤلاء ملتحقون بالعوام.
قلت: هذا القول من أبي المعالي أداه إليه اجتهاده، وهم فأداهم اجتهادهم إلى نفي القول بالقياس، فكيف يرد الاجتهاد بمثله، وندري بالضرورة أن داود كان يقرئ مذهبه، ويناظر عليه، ويفتي به في مثل بغداد، وكثرة الأئمة بها وبغيرها، فلم نرهم قاموا عليه، ولا أنكروا فتاويه ولا تدريسه، ولا سعوا في منعه من بثه، وبالحضرة مثل إسماعيل القاضي، شيخ المالكية، وعثمان بن بشار الأنماطي، شيخ الشافعية، والمروذي شيخ الحنبلية، وابني الإمام أحمد، وأبي العباس أحمد بن محمد البرتي (2)، شيخ الحنفية، وأحمد بن أبي عمران القاضي، ومثل عالم

(1) طبقات السبكي: 2 / 289: وتتمة الخبر فيه: " وإن ابن أبي هريرة وغيره من الشافعيين لا يعتدون بخلافهم في الفروع ".
(2) البرتي، بكسر الباء وسكون الراء: نسبة إلى برت: قرية بنواحي بغداد. (اللباب)
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»