المنية له قبل استيفاء غرضه إلا من الطبقة الأولى (1)، فأنا أقول: إنك إذا نظرت في تقسيم مسلم في كتابه الحديث على ثلاث طبقات من الناس على غير تكرار، فذكر أن القسم الأول حديث الحفاظ. ثم قال: إذا انقضى هذا، أتبعته بأحاديث من لم يوصف بالحذق والاتقان. وذكر أنهم لاحقون بالطبقة الأولى، فهؤلاء مذكورون في كتابه لمن تدبر الأبواب. والطبقة الثانية قوم تكلم فيهم قوم، وزكاهم آخرون، فخرج حديثهم عمن ضعف أو اتهم ببدعة، وكذلك فعل البخاري.
ثم قال القاضي عياض: فعندي أنه أتى بطبقاته الثلاث في كتابه، وطرح الطبقة الرابعة (2).
قلت: بل خرج حديث الطبقة الأولى، وحديث الثانية إلا النزر القليل مما يستنكره لأهل الطبقة الثانية. ثم خرج لأهل الطبقة الثالثة أحاديث ليست بالكثيرة في الشواهد والاعتبارات والمتابعات، وقل ان خرج لهم في الأصول شيئا، ولو استوعبت أحاديث أهل هذه الطبقة في " الصحيح "، لجاء الكتاب في حجم ما هو مرة أخرى، ولنزل كتابه بذلك الاستيعاب عن رتبة الصحة، وهم كعطاء بن السائب، وليث، ويزيد ابن أبي زياد، وأبان بن صمعة، ومحمد بن إسحاق، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وطائفة أمثالهم، فلم يخرج لهم إلا الحديث بعد الحديث إذا كان له أصل، وإنما يسوق أحاديث هؤلاء، ويكثر منها أحمد في " مسنده "،