سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٢ - الصفحة ٥٧٢
قال: اسكت يا صبي، ولم ينصره مسلم. فرجع إلى أبيه، وشكا إليه داود. فقال أبوه: ومن كان ثم؟ قال: مسلم، ولم ينصرني. قال: قد رجعت عن كل ما حدثته به. فبلغ ذلك مسلما، فجمع ما كتب عنه في زنبيل، وبعث به إليه، وقال: لا أروي عنك أبدا.
قال أبو عبد الله الحاكم: علقت هذه الحكاية، عن طاهر بن أحمد، عن مكي، وقد كان مسلم يختلف بعد هذه الواقعة إلى محمد بن يحيى، وإنما انقطع عنه من أجل قصة البخاري (1). وكان الحافظ أبو عبد الله بن الأخرم أعرف بذلك، فأخبر عن الوحشة الأخيرة.
وسمعته يقول: كان مسلم بن الحجاج يظهر القول باللفظ، ولا يكتمه، فلما استوطن البخاري نيسابور أكثر مسلم الاختلاف إليه، فلما وقع بين البخاري والذهلي ما وقع في مسألة اللفظ، ونادى عليه، ومنع الناس من الاختلاف إليه، حتى هجر، وسافر من نيسابور، قال: فقطعه أكثر الناس غير مسلم. فبلغ محمد بن يحيى، فقال يوما: ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا، فأخذ مسلم رداءه فوق عمامته، وقام على رؤوس الناس. ثم بعث إليه بما كتب عنه على ظهر جمال.
قال: وكان مسلم يظهر القول باللفظ ولا يكتمه (2).
قال أبو حامد بن الشرقي: حضرت مجلس محمد بن يحيى، فقال: ألا من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، فلا يحضر مجلسنا. فقام مسلم من المجلس (3).

(1) انظر قصة البخاري مع محمد بن يحيى في الصفحة 453 وما بعدها من هذا الجزء.
(2) سبق الخبر في الصفحة 460 من هذا الجزء.
(3) سبق الخبر في الصفحة 460، وهو في " تاريخ بغداد " 13 / 103، و " تذكرة الحفاظ " 2 / 589.
(٥٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 566 568 569 570 571 572 573 574 575 576 577 ... » »»