ابن الحجاج، فسلم عليه، وجلس ساعة، وتذاكرا. فلما ذهب قلت لأبي زرعة: هذا جمع أربعة آلاف حديث في " الصحيح "! فقال: ولم ترك الباقي؟ ليس لهذا عقل، لو داري محمد بن يحيى لصار رجلا.
قال سعيد البرذعي: شهدت أبا زرعة ذكر " صحيح " مسلم، وأن الفضل الصائغ ألف على مثاله، فقال: هؤلاء أرادوا التقدم قبل أوانه، فعملوا شيئا يتسوقون به. وأتاه يوما رجل بكتاب مسلم، فجعل ينظر فيه، فإذا حديث لأسباط بن نصر، فقال: ما أبعد هذا من الصحيح، ثم رأى قطن بن نسير، فقال لي: وهذا أطم. ثم نظر، فقال: ويروي عن أحمد ابن عيسى، وأشار إلى لسانه، كأنه يقول الكذب. ثم قال: يحدث عن أمثال هؤلاء، ويترك ابن عجلان، ونظراءه، ويطرق لأهل البدع علينا، فيقولوا: ليس حديثهم من الصحيح؟. فلما ذهبت إلى نيسابور ذكرت لمسلم إنكار أبي زرعة. فقال: إنما أدخلت من حديث أسباط وقطن وأحمد ما رواه ثقات، وقع لي بنزول، ووقع لي عن هؤلاء بارتفاع، فاقتصرت عليهم. وأصل الحديث معروف. وقد قدم مسلم بعد إلى الري، فاجتمع بابن وارة، فبلغني أنه عاتبه على " الصحيح "، وجفاه، وقال له نحوا من قول أبي زرعة: إن هذا يطرق لأهل البدع علينا، فاعتذر، وقال: إنما قلت: صحاح، ولم أقل: ما لم أخرجه ضعيف، وإنما أخرجت هذا من الصحيح ليكون مجموعا لمن يكتبه. فقبل عذره وحدثه.
وقال مكي بن عبدان: وافى داود بن علي الأصبهاني نيسابور أيام إسحاق بن راهويه، فعقدوا له مجلس النظر، وحضر مجلسه يحيى بن الذهلي ومسلم بن الحجاج، فجرت مسألة تكلم فيها يحيى، فزبره داود.