سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٢ - الصفحة ٤٤١
كذاب، أو كان يضع الحديث. حتى إنه قال: إذا قلت فلان في حديثه نظر، فهو متهم واه. وهذا معنى قوله: لا يحاسبني الله أني اغتبت أحدا.
وهذا هو والله غاية الورع.
قال محمد بن أبي حاتم الوراق: سمعته - يعني البخاري - يقول: لا يكون لي خصم في الآخرة، فقلت: إن بعض الناس ينقمون عليك في كتاب " التاريخ " ويقولون: فيه اغتياب الناس، فقال: إنما روينا ذلك رواية لم نقله من عند أنفسنا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " بئس مولى العشيرة " يعني:
حديث عائشة (1).
وسمعته يقول: ما اغتبت أحدا قط منذ علمت أن الغيبة تضر أهلها.
قال: وكان أبو عبد الله يصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة، وكان لا يوقظني في كل ما يقوم. فقلت: أراك تحمل على نفسك، ولم توقظني. قال: أنت شاب، ولا أحب أن أفسد عليك نومك (2).
وقال غنجار: حدثنا أبو عمرو أحمد بن المقرئ، سمعت بكر بن منير قال: كان محمد بن إسماعيل يصلي ذات ليلة، فلسعه الزنبور سبع عشرة مرة. فلما قضى الصلاة، قال: انظروا أيش آذاني (3).

(1) أخرجه مالك 2 / 903، 904 في حسن الخلق، والبخاري 10 / 378، 379 في الأدب: باب لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا، ومسلم (2591) في البر والصلة: باب مداراة من يتقى فحشه، وأبو داود (4791) والترمذي (1996) وأحمد 6 / 38 عن عائشة أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ائذنوا له بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة، فلما دخل عليه، ألان له القول، قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله قلت له الذي قلت، ثم ألنت له القول؟ قال: يا عائشة إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره ".
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 13، 14، " طبقات السبكي " 2 / 220، و " مقدمة الفتح ": 482.
(3) " طبقات الحنابلة " 1 / 276، و " تاريخ بغداد " 2 / 12، و " تهذيب الكمال ":
1170، و " مقدمة الفتح ": 481.
(٤٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 435 436 437 438 439 441 442 443 444 445 446 ... » »»