سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٢ - الصفحة ١٩٨
وسمعت ابن راهويه ذات يوم، روى في ترجيع (1) الاذان أحاديث كثيرة، ثم روى حديث عبد الله بن زيد الأنصاري (2)، ثم قال: يا قوم، قد حدثتكم بهذه الأحاديث في الترجيع، وليس في غير الترجيع إلا حديث واحد، حديث عبد الله بن زيد. وقد أمر محمد بن أسلم الناس بالترجيع، فقلتم: هذا مبتدع، عامة أهل بلده بالكورة غوغاء. ثم قال:
احذروا الغوغاء، فإنهم قتلة الأنبياء، فلما كان الليل، دخلت عليه، فقلت: يا أبا يعقوب، حدثت هذه الأحاديث بالترجيع، فما لك لا تأمر (3) مؤذنك بالترجيع؟ قال: يا مغفل، ألم تسمع ما قلت في الغوغاء، إنما أخاف الغوغاء. فأما أمر محمد بن أسلم، فإنه سماوي (4)، كلما أخذ في شئ تم له، ونحن عبيد بطوننا (5)، لا يتم لنا أمر نأخذ فيه، نحن عند محمد بن أسلم مثل السراق (6).
قال محمد: وكتب إلي أحمد بن نصر: اكتب إلي بحال محمد بن أسلم، فإنه ركن من أركان الاسلام (7).

(1) الترجيع: هو العود إلى الشهادتين مرتين مرتين برفع الصوت بعد قولها مرتين مرتين بخفض الصوت، وهو ثابت في حديث أبي محذورة عند مسلم (379) في الصلاة: باب صفة الاذان، وانظر مسند الشافعي 1 / 57، 59، وأحمد 3 / 409، وسنن أبي داود (500) و (501) و " معاني الآثار " 1 / 78، والدارقطني 86، والبيهقي 1 / 393، وابن حبان (289)، وابن خزيمة (377) (2) أخرجه أبو داود (499) وأحمد 4 / 43، وابن ماجة (708) والبيهقي 1 / 390، 391، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (287) وابن خزيمة (371) والبخاري فيما نقله عنه الترمذي في " العلل الكبير ".
(3) في " حلية الأولياء " تأمن وهو تحريف.
(4) في " حلية الأولياء ": فإنه يتمادى وهو تحريف.
(5) في " حلية الأولياء ": ونحن عنده نملا بطونا، وما هنا هو الصحيح.
(6) " حلية الأولياء " 9 / 240.
(7) " حلية الأولياء " 9 / 240.
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»