وكنت يوما عند أحمد بن نصر بعد موت ابن أسلم بيوم، فدخل عليه جماعة من أصحاب الحديث. وقال: جئنا من عند أبي النضر، وهو يقرئك السلام، ويقول: ينبغي لنا أن نجتمع فنعزي بعضنا بعضا بموت رجل لم نعرف من عهد عمر بن عبد العزيز مثله (1).
وقيل لأحمد بن نصر: يا أبا عبد الله، صلى عليه ألف ألف من الناس. وقال بعضهم: ألف ألف ومئة ألف، يقول صالحهم وطالحهم:
لم نعرف لهذا الرجل نظيرا (2).
قال محمد بن القاسم: ودخلت على ابن أسلم قبل موته بأربعة أيام بنيسابور، فقال: يا أبا عبد الله، تعال أبشرك بما صنع الله بأخيك من الخير، قد نزل بي الموت، وقد من الله علي أنه مالي درهم يحاسبني الله عليه. ثم قال: أغلق الباب (3) ولا تأذن لاحد حتى أموت، وتدفنون كتبي. واعلم أني أخرج من الدنيا وليس أدع ميراثا غير كسائي ولبدي وإنائي الذي أتوضأ فيه وكتبي هذه، فلا تكلفوا الناس مؤنة، وكان معه صرة فيها نحو ثلاثين درهما، فقال: هذا لابني أهداه قريب له، ولا أعلم شيئا أحل لي منه، لان النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أنت ومالك لأبيك " (4). وقال: