سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٢ - الصفحة ٢٠٣
شهرا. ما اطلع الله على قلبي أني أردت الخلاص، قلت: الله حبسني، وهو يطلقني. وليس لي إلى المخلوقين حاجة. فأخرجت، وأدخلت عليه وفي رأسي عمامة كبيرة طويلة. فقال: ما تقول في السجود على كور العمامة؟ فقلت: حدثنا خلاد بن يحيى، عن عبد الله بن المحرر، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد على كور العمامة، فقال ابن طاهر: هذا إسناد ضعيف (1) فقلت: أستعمل هذا حتى يجيئ أقوى منه، ثم قلت: وعندي أقوى منه: حدثنا يزيد، حدثنا شريك، عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة عن ابن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد يتقي بفضوله حر الأرض وبردها (2). هذا الدليل على السجود على كور العمامة. ثم قال: ورد كتاب أمير المؤمنين ينهى عن الجدل والخصومات. فتقدم إلى أصحابك أن لا يعدوا، فقلت:
نعم، ثم خرجت من عنده، وهذا كان مقدرا علي (3).
قال أحمد بن سلمة: فقلت له: أخبرني غير واحد أن جل أصحاب الحديث صاروا إلى يحيى بن يحيى، فكلموه أن يكتب إلى عبد الله بن طاهر في تخليتك، فقال يحيى: لا أكاتب السلطان، وإن كتب على لساني، لم أكره، حتى يكون خلاصه. فكتب بحضرته على لسانه، فلما

(1) لضعف عبد الله بن المحرر، فقد قال عمرو بن علي، وأبو حاتم، وعلي بن الجنيد والدارقطني: متروك الحديث، وضعفه أحمد وابن معين، وأبو نعيم الفضل بن دكين، والنسائي، وأبو حاتم وأبو زرعة، وقال البخاري: منكر الحديث.
(2) إسناده ضعيف لضعف شريك، وحسين بن عبد الله، وهو في " المسند " 1 / 256 و 303 و 320 و 354، وروى البخاري 1 / 414 في المساجد: باب السجود على الثوب في شدة الحر، ومسلم (620) وأبو داود (660) والترمذي (584) عن أنس بن مالك قال:
كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود.
(3) في الأصل: مقدر، بالرفع.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»