ثم حبس في دار اكتريت عند دار عمارة، ثم حول إلى حبس العامة في درب الموصلية. فقال: كنت أصلي بأهل السجن، وأنا مقيد. فلما كان في رمضان سنة تسع عشر - قلت: وذلك بعد موت المأمون بأربعة عشر شهرا - حولت إلى دار إسحاق بن إبراهيم، يعني: نائب بغداد. وأما حنبل، فقال: حبس أبو عبد الله في دار عمارة ببغداد في إصطبل الأمير محمد بن إبراهيم أخي إسحاق بن إبراهيم، وكان في حبس ضيق، ومرض في رمضان. ثم حول بعد قليل إلى سجن العامة، فمكث في السجن نحوا من ثلاثين شهرا. وكنا نأتيه، فقرأ علي كتاب " الارجاء " وغيره في الحبس، ورأيته يصلي بهم في القيد، فكان يخرج رجله من حلقة القيد وقت الصلاة والنوم.
قال صالح بن أحمد: قال أبي: كان يوجه إلي كل يوم برجلين، أحدهما يقال له: أحمد بن أحمد بن رباح، والآخر أبو شعيب الحجام، فلا يزالان يناظراني، حتى إذا قاما دعي بقيد، فزيد في قيودي، فصار في رجلي أربعة أقياد. فلما كان في اليوم الثالث، دخل علي فناظرني، فقلت له: ما تقول في علم الله؟ قال: مخلوق. قلت: كفرت بالله (1)، فقال الرسول الذي كان يحضر من قبل إسحاق بن إبراهيم: إن هذا رسول أمير المؤمنين. فقلت: إن هذا قد كفر. فلما كان في الليلة الرابعة، وجه، يعني: المعتصم، ببغا الكبير إلى إسحاق، فأمره بحملي إليه، فأدخلت على إسحاق، فقال: يا أحمد إنها والله نفسك، إنه لا يقتلك بالسيف، إنه قد آلى، إن لم تجبه، أن يضربك ضربا بعد ضرب، وأن يقتلك في موضع لا يرى فيه شمس ولا قمر. أليس قد قال الله تعالى: (إنا