سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٩٢
قيل: ولم؟ قال: لان العاقل لا يعدو من إحدى خلتين، إما يغتم لآخرته أو لدنياه، والشحم مع الغم لا ينعقد (1).
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن بن عمرو المعدل في سنة اثنتين وتسعين وبعدها، أخبرنا الحسن بن علي بن الحسين الأسدي، أخبرنا جدي أبو القاسم الحسين بن الحسن، أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد الفقيه، أخبرنا محمد بن الفضل بن نظيف الفراء بمصر سنة تسع عشرة وأربع مئة، حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين الصابوني سنة ثمان وأربعين وثلاث مئة، حدثنا المزني، حدثنا الشافعي، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن الوصال "، فقيل: إنك تواصل فقال: " لست مثلكم إني أطعم وأسقى " (2).
قلت: كلام الاقران إذا تبرهن لنا أنه بهوى وعصبية، لا يلتفت إليه، بل يطوى ولا يروى، كما تقرر عن الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين، وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والاجزاء، ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف، وبعضه كذب، وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا، فينبغي طيه وإخفاؤه، بل إعدامه لتصفو القلوب، وتتوفر على حب الصحابة، والترضي عنهم، وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء، وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى، بشرط أن يستغفر لهم، كما علمنا الله تعالى

(1) " مناقب البيهقي " 2 / 120.
(2) إسناده صحيح، وهو في " الموطأ " 1 / 300، والبخاري 4 / 119 في الصوم: باب بركة السحور، و 177: باب الوصال، ومسلم (1102) في الصوم: باب النهي عن الوصال في الصوم، و " سنن " أبي داود (2360)، و " المسند " 2 / 102 و 128 و 143.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»