سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٩ - الصفحة ١٦٣
الحافظ يعقوب الفسوي في " تاريخه " (1): وفي هذه السنة حدث وكيع بمكة، عن ابن أبي خالد، عن البهي (2)، فذكر الحديث، ثم قال:
فرفع ذلك إلى العثماني، فحبسه، وعزم على قتله، ونصبت خشبة خارج الحرم، وبلغ وكيعا، وهو محبوس. قال الحارث بن صديق:
فدخلت عليه لما بلغني، وقد سبق إليه الخبر، قال: وكان بينه وبين ابن عيينة يومئذ متباعد، فقال لي: ما أرانا إلا قد اضطررنا إلى هذا الرجل، واحتجنا إليه، فقلت: دع هذا عنك، فإن لم يدركك، قتلت، فأرسل إلى سفيان، وفزع إليه، فدخل سفيان على العثماني - يعني متولي مكة - فكلمه فيه، والعثماني يأبى عليه، فقال له سفيان: إني لك ناصح، هذا رجل من أهل العلم، وله عشيرة، وولده بباب أمير المؤمنين، فتشخص لمناظرتهم، قال: فعمل فيه كلام سفيان، فأمر بإطلاقه، فرجعت إلى وكيع، فأخبرته، فركب حمارا، وحملنا متاعه، وسافر، فدخلت على العثماني من الغد، فقلت: الحمد لله الذي لم تبتل بهذا الرجل، وسلمك الله، قال: يا حارث، ما ندمت على شئ ندامتي على تخليته، خطر ببالي هذه الليلة حديث جابر بن عبد الله قال: حولت أبي والشهداء بعد أربعين سنة فوجدناهم رطابا يثنون لم يتغير منهم شئ (3). ثم قال الفسوي: فسمعت سعيد بن منصور يقول:

(1) 1 / 175، 176.
(2) هو عبد الله البهي مولى مصعب بن الزبير من رجال " التهذيب "، وقد سقطت لفظة " عن " من الأصل الذي اعتمده المحقق لتاريخ الفسوي، فظن " البهي " صلة لابن أبي خالد، وعلق عليه بما ينبغي ترميجه.
(3) أخرجه ابن سعد في " الطبقات " 3 / 563 من طريق عمرو بن الهيثم، أخبرنا هشام الدستوائي، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: صرخ بنا إلى قتلانا يوم أحد حين أجرى معاوية العين، فأخرجناهم بعد أربعين سنة لينة أجسادهم تتثنى أطرافهم. وهذا سند رجاله ثقات. وانظر " فتح الباري " 3 / 172، 174.
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»