نوح بن حبيب، حدثنا وكيع، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال:
حضرت موت سفيان، فكان عامة كلامه: ما أشد الموت. قال نوح:
فأتيت عبد الرحمن، فقلت له: حدثنا عنك وكيع. فكان متكئا، فقعد، وقال: أنا حدثت أبا سفيان، جزاه الله خيرا، ومن مثل أبي سفيان؟! وما يقال لمثل أبي سفيان؟!
وقيل: إن وكيعا وصل إنسانا مرة بصرة دنانير لكونه كتب من محبرة [ذلك] (1) الانسان، وقال: اعذر، فلا أملك غيرها.
علي بن خشرم: سمعت وكيعا يقول: لا يكمل الرجل حتى يكتب عمن هو فوقه، وعمن هو مثله، وعمن هو دونه.
وعن مليح بن وكيع، قال: لما نزل بأبي الموت، أخرج يديه، فقال: يا بني ترى يدي، ما ضربت بهما شيئا قط. قال مليح: فحدثت بهذا داود بن يحيى بن يمان، فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم، فقلت: يا رسول الله من الابدال؟ قال: الذين لا يضربون بأيديهم شيئا، وإن وكيعا منهم.
قلت: بل الذي يضرب بيده في سبيل الله أشرف وأفضل.
محنة وكيع - وهي غريبة - تورط فيها، ولم يرد إلا خيرا، ولكن فاتته سكتة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع (2)، فليتق عبد ربه، ولا يخافن إلا ذنبه ".