سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٩ - الصفحة ١٥٩
نوح بن حبيب، حدثنا وكيع، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال:
حضرت موت سفيان، فكان عامة كلامه: ما أشد الموت. قال نوح:
فأتيت عبد الرحمن، فقلت له: حدثنا عنك وكيع. فكان متكئا، فقعد، وقال: أنا حدثت أبا سفيان، جزاه الله خيرا، ومن مثل أبي سفيان؟! وما يقال لمثل أبي سفيان؟!
وقيل: إن وكيعا وصل إنسانا مرة بصرة دنانير لكونه كتب من محبرة [ذلك] (1) الانسان، وقال: اعذر، فلا أملك غيرها.
علي بن خشرم: سمعت وكيعا يقول: لا يكمل الرجل حتى يكتب عمن هو فوقه، وعمن هو مثله، وعمن هو دونه.
وعن مليح بن وكيع، قال: لما نزل بأبي الموت، أخرج يديه، فقال: يا بني ترى يدي، ما ضربت بهما شيئا قط. قال مليح: فحدثت بهذا داود بن يحيى بن يمان، فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم، فقلت: يا رسول الله من الابدال؟ قال: الذين لا يضربون بأيديهم شيئا، وإن وكيعا منهم.
قلت: بل الذي يضرب بيده في سبيل الله أشرف وأفضل.
محنة وكيع - وهي غريبة - تورط فيها، ولم يرد إلا خيرا، ولكن فاتته سكتة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع (2)، فليتق عبد ربه، ولا يخافن إلا ذنبه ".

(1) لم ترد في الأصل.
(2) أخرجه أبو داود (4992)، ومسلم (5) في مقدمة " صحيحه " من حديث أبي هريرة، وعنده " كفى بالمرء كذبا ".
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»