سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٩ - الصفحة ١٦٢
موسى (1)، هذا كله حق. والذي منهم لم يذق الموت بعد هو عيسى عليه السلام، فقد تبرهن لك أن نبيا صلى الله عليه وسلم ما زال طيبا مطيبا، وأن الأرض محرم عليها أكل أجساد الأنبياء، وهذا شئ سبيله التوقيف، وما عنف النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة رضي الله عنهم لما قالوا له بلا علم: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ - يعني قد بليت - فقال: " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " (2).
وهذا بحث معترض في الاعتذار عن إمام من أئمة المسلمين، وقد قام في الدفع عنه مثل إمام الحجاز سفيان بن عيينة، ولولا أن هذه الواقعة في عدة كتب، وفي مثل " تاريخ الحافظ ابن عساكر "، وفي " كامل الحافظ ابن عدي " لأعرضت عنها جملة، ففيها عبرة حتى قال

(1) وذلك في حديث الاسراء الذي رواه البخاري 6 / 217، 219 في بدء الخلق: باب ذكر الملائكة، وفي الأنبياء: باب (وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا)، وفي فضائل أصحاب النبي: باب المعراج، ومسلم (164) في الايمان: باب الاسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم، والترمذي (3343) في التفسير: باب ومن سورة ألم نشرح، والنسائي 1 / 217 و 218 في الصلاة: باب فرض الصلاة.
(2) أخرجه أحمد 4 / 8، وأبو داود (1047)، والنسائي 3 / 91، 92، وابن ماجة (1085) و (1636) من حديث أوس بن أوس رضي الله عنه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي " قالوا: يا رسول الله كيف تعرض عليك صلاتنا، وفد أرمت - يعني وقد بليت -؟ فقال: " إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ". وإسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة (1733)، وابن حبان (550)، والحاكم 2 / 287، ووافقه الذهبي، وحسنه الحافظان: المنذري وابن حجر، وصححه النووي في " الاذكار "، وله شاهد من حديث أبي الدرداء عند ابن ماجة (1637)، ورجاله ثقات لكنه منقطع، وآخر من حديث أبي أمامة عند البيهقي، وحسن إسناده المنذري، إلا أن مكحولا قيل: لم يسمع من أبي أمامة.
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»