سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٥ - الصفحة ١٢٤
الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن حسان الكناني قال: لما مرض سليمان بدابق قال: يا رجاء! أستخلف ابني؟ قال: ابنك غائب، قال:
فالآخر؟ قال: هو صغير، قال: فمن ترى؟ قال: عمر بن عبد العزيز، قال:
أتخوف بني عبد الملك أن لا يرضوا، قال: فوله، ومن بعده يزيد بن عبد الملك، وتكتب كتابا وتختمه، وتدعوهم إلى بيعة مختوم عليها، قال: فكتب العهد وختمه، فخرج رجاء، وقال: إن أمير المؤمنين يأمركم أن تبايعوا لمن في هذا الكتاب، قالوا: ومن فيه؟ قال: مختوم، ولا تخبرون بمن فيه حتى يموت، فامتنعوا، فقال سليمان: انطلق إلى أصحاب الشرط، وناد الصلاة جامعة، ومرهم بالبيعة، فمن أبى، فاضرب عنقه، ففعل، فبايعوا، قال رجاء:
فلما خرجوا، أتاني هشام في موكبه، فقال: قد علمت موقفك منا، وأنا أتخوف أن يكون أمير المؤمنين أزالها عني، فأعلمني ما دام في الامر نفس، قلت: سبحان الله! يستكتمني أمير المؤمنين، وأطلعك، لا يكون ذاك أبدا، فأدارني وألاصني (1)، فأبيت عليه، فانصرف، فبينا أنا أسير إذ سمعت جلبة خلفي، فإذا عمر بن عبد العزيز، فقال: يا رجاء! قد وقع في نفسي أمر كبير من هذا الرجل، أتخوف أن يكون جعلها إلي ولست أقوم بهذا الشأن، فأعلمني ما دام في الامر نفس لعلي أتخلص، قلت: سبحان الله! يستكتمني أمرا أطلعك عليه!
روى نحوها الواقدي.
حدثنا داود بن خالد، عن سهيل بن أبي سهيل، سمع رجاء بن حياة يقول.. وزاد: فصلى على سليمان عمر بن عبد العزيز، فلما فرغ من دفنه،

(1) يقال: ألاصه على كذا: إذا أداره على الشئ الذي يريده، وقال عمر لعثمان في معنى كلمة الاخلاص: هي الكلمة التي ألاص عليها النبي صلى الله عليه وسلم عمه يعني أبا طالب عند الموت: شهادة أن لا إله إلا الله، أي: أداره عليها، وراوده فيها.
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»