سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٥ - الصفحة ١٢٨
قال حماد بن أبي سليمان: لما ولي عمر بن عبد العزيز بكى، فقال له رجل: كيف حبك للدنيا والدرهم؟ قال: لا أحبه، قال: لا تخف، فإن الله سيعينك.
يعقوب الفسوي: حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى، حدثني أبي، عن جدي قال: كنت أنا وابن أبي زكريا بباب عمر بن عبد العزيز، فسمعنا بكاء، فقيل: خير أمير المؤمنين امرأته بين أن تقيم في منزلها وعلى حالها، وأعلمها أنه قد شغل بما في عنقه عن النساء، وبين أن تلحق بمنزل أبيها، فبكت، فبكت جواريها.
جرير، عن مغيرة، قال: كان لعمر بن عبد العزيز سمار يستشيرهم، فكان علامة ما بينهم إذا أحب أن يقوموا قال: إذا شئتم.
وعنه أنه خطب وقال: والله إن عبدا ليس بينه وبين آدم أب إلا قد مات لمعرق له في الموت (1).
جرير، عن مغيرة قال: جمع عمر بن عبد العزيز بني مروان حين استخلف، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له فدك (2) ينفق منها، ويعود منها على صغير بني هاشم، ويزوج منها أيمهم، وإن فاطمة سألته أن يجعلها لها، فأبى، فكانت كذلك حياة أبي بكر وعمر، عملا فيها عمله، ثم أقطعها مروان، ثم صارت لي، فرأيت أمرا منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنته ليس لي بحق،

(1) أي: إن له فيه عرقا، وإنه أصيل في الموت، وعرق كل شئ أصله.
(2) هي قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان أفاءها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم في سنة سبع صلحا، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل خيبر، وفتح حصونها، ولم يبق إلا ثلاث، واشتد بهم الحصار، راسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن ينزلهم على الجلاء وفعل، وبلغ ذلك أهل فدك، فأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصالحهم على النصف من ثمارهم وأموالهم فأجابهم إلى ذلك، فهي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فكانت خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»