وقال الأصمعي: لما أدخل الشعبي على الحجاج قال: هيه يا شعبي.
فقال: أحزن بنا المنزل، واستحلسنا الخوف (1)، فلم نكن فيما فعلنا بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء. فقال لله درك (2).
قال ابن سعد (3): قال أصحابنا: كان الشعبي فيمن خرج مع القراء على الحجاج، ثم اختفى زمانا، وكان يكتب إلى يزيد بن أبي مسلم أن يكلم فيه الحجاج.
قلت: خرج القراء، وهم أهل القرآن والصلاح بالعراق على الحجاج لظلمه وتأخيره الصلاة والجمع في الحضر، وكان ذلك مذهبا واهيا لبني أمية كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: " يكون عليكم أمراء يميتون الصلاة " (4). فخرج على الحجاج عبد الرحمن بن الأشعث بن قيس الكندي، وكان شريفا مطاعا، وجدته أخت الصديق، فالتف (5) على مائة ألف أو يزيدون، وضاقت على الحجاج الدنيا، وكاد أن يزول ملكه، وهزموه مرات، وعاين التلف وهو ثابت مقدام، إلى أن انتصر وتمزق جمع ابن الأشعث. وقتل خلق