سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ٢٢٦
فصل في عزة نفسه وصدعه بالحق سلام بن مسكين: حدثنا عمران بن عبد الله، قال: كان لسعيد بن المسيب في بيت المال بضعة وثلاثون ألفا، عطاؤه. وكان يدعى إليها فيأبى ويقول: لا حاجة لي فيها. حتى يحكم الله بيني وبين بني مروان (1).
حماد بن سلمة: أنبأنا علي بن زيد أنه قيل لسعيد بن المسيب: ما شأن الحجاج لا يبعث إليك، ولا يحركك، ولا يؤذيك؟ قال: والله ما أدري، إلا أنه دخل ذات يوم مع أبيه المسجد، فصلى صلاة لا يتم ركوعها ولا سجودها، فأخذت كفا من حصى فحصبته بها. زعم أن الحجاج قال: ما زلت بعد أحسن الصلاة (2).
في " الطبقات " لابن سعد (3): أنبأنا كثير بن هشام، حدثنا جعفر بن برقان، حدثنا ميمون، وأنبأنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أبو المليح، عن ميمون ابن مهران، قال: قدم عبد الملك بن مروان المدينة فامتنعت منه القائلة، واستيقظ، فقال لحاجبه: انظر، هل في المسجد أحد من حداثنا؟ فخرج فإذا سعيد بن المسيب في حلقته، فقام حيث ينظر إليه، ثم غمزه وأشار بأصبعه، ثم ولى، فلم يتحرك سعيد، فقال: لا أراه فطن، فجاء ودنا منه، ثم غمزه وقال: ألم ترني أشير إليك؟ قال: وما حاجتك؟ قال: أجب أمير المؤمنين.
فقال: إلي أرسلك؟ قال: لا، ولكن قال: انظر بعض حداثنا فلم أر أحدا أهيأ منك. قال: اذهب فأعلمه أني لست من حداثه. فخرج الحاجب وهو يقول:
ما أرى هذا الشيخ إلا مجنونا، وذهب فأخبر عبد الملك، فقال: ذاك سعيد بن المسيب فدعه.

(1) المصدر السابق.
(2) ابن سعد 5 / 129.
(3) 5 / 130.
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»