سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ٢٢٨
لينا. قلت: كان عند سعيد بن المسيب أمر عظيم من بني أمية وسوء سيرتهم.
وكان لا يقبل عطاءهم.
قال معن بن عيسى: حدثنا مالك، عن ابن شهاب، قلت لسعيد بن المسيب: لو تبديت، وذكرت له البادية وعيشها والغنم، فقال: كيف بشهود العتمة (1).
ابن سعد: أنبأنا الوليد بن عطاء بن الأغر المكي، أنبأنا عبد الحميد بن سليمان، عن أبي حازم، سمعت سعيد بن المسيب، يقول: لقد رأيتني ليالي الحرة وما في المسجد أحد غيري، وإن أهل الشام ليدخلون زمرا يقولون:
انظرو إلى هذا المجنون. وما يأتي وقت صلاة إلا سمعت أذانا في القبر. ثم تقدمت فأقمت وصليت وما في المسجد أحد غيري (2).
عبد الحميد هذا، ضعيف.
الواقدي: حدثنا طلحة بن محمد بن سعيد بن المسيب، عن أبيه، قال: كان سعيد أيام الحرة (3) في المسجد لم يخرج، وكان يصلي معهم

(١) ابن سعد ٥ / ١٣١.
(٢) ابن سعد ٥ / ١٣٢.
(٣) هي حرة وأقم شرقي المدينة المنورة، وفيها كانت الوقعة المشهورة، يقول فيها ابن حزم في كتابه جوامع السيرة ص ٣٥٧ ما نصه: ".. أغزى يزيد الجيوش إلى المدينة حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى مكة حرم الله تعالى. فقتل بقايا المهاجرين والأنصار يوم الحرة، وهي أيضا أكبر مصائب الاسلام وخرومه، لان أفاضل المسلمين وبقية الصحابة، وخيار المسلمين من جلة التابعين قتلوا جهرا ظلما في الحرب وصبرا. وجالت الخيل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراثت وبالت في الروضة بين القبر والمنبر، ولم تصل جماعة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا كان فيه أحد، حاشا سعيد بن المسيب فإنه لم يفارق المسجد، ولولا شهادة عمرو بن عثمان بن عفان، ومروان بن الحكم عند مجرم بن عقبة المري بأنه مجنون لقتله. وأكره الناس على أن يبايعوا يزيد بن معاوية على أنهم عبيد له، إن شاء باع، وإن شاء أعتق، وذكر له بعضهم البيعة على حكم القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقتله. فضرب عنقه صبرا. وهتك مسرف أو مجرم الاسلام هتكا، وأنهب المدينة ثلاثا، واستخف بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدت الأيدي إليهم وانتهبت دورهم، وانتقل هؤلاء إلى مكة شرفها الله تعالى، فحوصرت، ورمي البيت بحجارة المنجنيق، تولى ذلك الحصين بن نمير السكوني في جيوش أهل الشام، وذلك لان مجرم بن عقبة المري مات بعد وقعة الحرة بثلاث ليال، وولي مكانه الحصين بن نمير.
وأخذ الله تعالى يزيد أخذ عزيز مقتدر، فمات بعد الحرة بأقل من ثلاثة أشهر وأزيد من شهرين. وانصرفت الجيوش عن مكة " اه‍.
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»