سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٧٥
صناديق، فقال: من يأخذها بما فيها؟ يا ليته كان بعرا، ثم أمر الحرس، فأحاطوا بقصره. فقال بنوه: ما هذا فقال: ما ترون هذا يغني عني شيئا (1).
ابن سعد: أخبرنا ابن الكلبي، عن عوانة بن الحكم، قال: قال عمرو ابن العاص: عجبا لمن نزل به الموت وعقله معه، كيف لا يصفه؟ فلما نزل به الموت، ذكره ابنه بقوله، وقال: صفه. قال: يا بني! الموت أجل من أن يوصف، ولكني سأصف لك، أجدني كأن جبال رضوى على عنقي، وكأن في جوفي الشوك (2)، وأجدني كأن نفسي يخرج من إبرة (3).
يونس: عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو، أن أباه قال حين احتضر: اللهم (إنك) أمرت بأمور، ونهيت عن أمور، تركنا كثيرا مما أمرت، ورتعنا في كثير مما نهيت اللهم لا إله إلا أنت.
ثم أخذ بإبهامه، فلم يزل يهلل حتى فاض، رضي الله عنه (4).
أحمد: حدثنا عفان، حدثنا الأسود بن شيبان، حدثنا أبو نوفل بن أبي عقرب قال: جزع عمرو بن العاص عند الموت جزعا شديدا، فقال ابنه عبد الله: ما هذا الجزع، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدنيك ويستعملك! قال: أي بني! قد كان ذلك، وسأخبرك، إي والله ما أدري أحبا كان أم تألفا، ولكن أشهد على رجلين أنه فارق الدنيا وهو يحبهما، ابن سمية، وابن أم عبد.
فلما جد به، وضع يده موضع الأغلال من ذقنه، وقال: اللهم أمرتنا فتركنا، ونهيتنا فركبنا، ولا يسعنا إلا مغفرتك. فكانت تلك هجيراه حتى مات (5).

(1) " ابن عساكر " 13 / 267 / آ.
(2) في ابن سعد: " شوك السلاء " وهو شوك النخل، واحدتها سلاءة.
(3) " ابن سعد " 4 / 260.
(4) " ابن عساكر " 13 / 268 / ب.
(5) إسناده صحيح، وهو في " المسند " 4 / 199، 200، وابن عساكر: 13 / 269 / آ.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»