سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٧١
الشوك والقرظ، ونحن أهل بيت الله، كنا أضيق الناس أرضا وشره عيشا، نأكل الميتة والدم، ويغير بعضنا على بعض، كنا بشر عيش عاش به الناس، حتى خرج فينا رجل ليس بأعظمنا يومئذ شرفا ولا أكثرنا مالا، قال:
أنا رسول الله إليكم، يأمرنا بما لا تعرف، وينهانا عما كنا عليه، فشنفنا له، وكذبناه، ورددنا عليه، حتى خرج إليه قوم من غيرنا، فقالوا: نحن نصدقك، ونقاتل من قاتلك، فخرج إليهم، وخرجنا إليه، وقاتلناه، فظهر علينا، وقاتل من يليه من العرب، فظهر عليهم، فلو تعلم ما ورائي من العرب ما أنتم فيه من العيش لم يبق أحد إلا جاءكم، فضحك، ثم قال: إن رسولكم قد صدق وقد جاءتنا رسل بمثل ذلك، وكنا عليه حتى ظهرت فينا ملوك، فعملوا فينا بأهوائهم، وتركوا أمر الأنبياء، فإن أنتم أخذتم بأمر نبيكم، لم يقاتلكم أحد إلا غلبتموه، وإذا فعلتم مثل الذي فعلنا، فتركتم أمر نبيكم، لم تكونوا أكثر عددا منا ولا أشد منا قوة (1).
قال الزهري: استخلف عثمان، فنزع عن مصر عمرا، وأمر عليها عبد الله بن أبي سرح.
جويرية بن أسماء: حدثني عبد الوهاب بن يحيى بن عبد الله بن الزبير، حدثنا أشياخنا: أن الفتنة لما وقعت، ما زال عمرو بن العاص معتصما بمكة حتى كانت وقعة الجمل، فلما كانت، بعث إلى ولديه عبد الله ومحمد، فقال: قد رأيت رأيا، ولستما باللذين ترداني عنه، ولكن أشيرا علي، إني رأيت العرب صاروا غارين (2) يضطربان، فأنا طارح نفسي بين

(1) " ابن عساكر ": 3 / 258 / ب، 259 / آ.
(2) تثنية غار: وهو الجمع الكثير من الناس، وقيل: الجيش الكثير، يقال: التقى الغاران، أي: الجيشان، ومنه قول الأحنف بن قيس في انصراف ابن الزبير عن وقعة الجمل: وما أصنع به إن كان جمع بين غارين من الناس، ثم تركهم، وذهب.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»