سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٢٩٢
الحسين، وحق له، وامتنع هو وابن أبي بكر وابن الزبير من المبايعة، حتى قهرهم معاوية، وأخذ بيعتهم مكرهين، وغلبوا، وعجزوا عن سلطان الوقت. فلما مات معاوية، تسلم الخلافة يزيد، وبايعه أكثر الناس، ولم يبايع له ابن الزبير ولا الحسين، وأنفوا من ذلك. ورام كل واحد منهما الامر لنفسه، وسارا في الليل من المدينة.
سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس، عن ابن عباس، قال: استشارني الحسين في الخروج. فقلت: لولا أن يزرى بي وبك، لنشبت يدي في رأسك. فقال: لان أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن أستحل حرمتها، يعني مكة. وكان ذلك الذي سلى نفسي عنه (1).
يحيى بن إسماعيل البجلي (2)، حدثنا الشعبي قال: كان ابن عمر قدم المدينة، فأخبر أن الحسين قد توجه إلى العراق، فلحقه على مسيرة ليلتين، فقال: أين تريد؟ قال: العراق، ومعه طوامير وكتب، فقال: لا تأتهم.
قال: هذه كتبهم وبيعتهم. فقال: إن الله خير نبيه بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة، وإنكم بضعة منه، لا يليها أحد منكم أبدا، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم، فارجعوا، فأبى، فاعتنقه ابن عمر، وقال:
أستودعك الله من قتيل (3).
زاد فيه الحسن بن عيينة: عن يحيى بن إسماعيل، عن الشعبي:

(1) رجاله ثقات وأخرجه الطبراني (2859)، وقال الهيثمي 9 / 192: ورجاله رجال الصحيح.
(2) كذا الأصل، وفي " البداية " 8 / 160 يحيى بن إسماعيل بن سالم الأسدي وهو الأصح فإن هذا الأثر رواه عنه شبابة بن سوار، وفي " الجرح والتعديل " 9 / 126 في ترجمة يحيى ابن إسماعيل بن سالم الأسدي أنه روى عنه شبابة، وأما يحيى بن إسماعيل البجلي، - وإن روى عن الشعبي - فإنهم لم يذكروا شبابة بن سوار فيمن روى عنه.
(3) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 332.
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»