كان فضل فيه حق الله، فلا بأس عليه. فرفع أبو ذر عصاه، وضرب كعبا وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما أحب أن لي هذا الجبل ذهبا أنفقه ويتقبل مني، أذر خلفي منه ستة أواق " أنشدك الله يا عثمان: أسمعته قال مرارا؟ قال: نعم (1).
قلت: هذا دال على فضل إنفاقه وكراهية جمعه; لا يدل على تحريم.
حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت، قال: دخلت مع أبي ذر على عثمان، فلما دخل، حسر عن رأسه وقال: والله، ما أنا منهم يا أمير المؤمنين - يريد الخوارج. قال ابن شوذب: سيماهم الحلق - قال له عثمان: صدقت يا أبا ذر! إنما أرسلنا إليك لتجاورنا بالمدينة. قال: لا حاجة لي في ذلك، ائذن لي إلى الربذة. قال: نعم، ونأمر لك بنعم من نعم الصدقة، تغدو عليك وتروح. قال: لا حاجة لي في ذلك، يكفي أبا ذر صريمته (2).
فلما خرج قال: دونكم معاشر قريش، دنياكم فاعذموها (3)، ودعونا وربنا.
قال: ودخل عليه وهو يقسم، و عبد الرحمن بن عوف بين يديه، وعنده كعب، فأقبل عثمان على كعب، فقال: يا أبا إسحاق، ما تقول فيمن جمع