وفيه: فشج كعبا! فاستوهبه عثمان، فوهبه له، وقال: يا أبا ذر، أتق الله واكفف يدك ولسانك.
موسى بن عبيدة: أخبرنا ابن نفيع (1)، عن ابن عباس، قال: استأذن أبو ذر على عثمان، فتغافلوا عنه ساعة. فقلت: يا أمير المؤمنين، هذا أبو ذر بالباب. قال: ائذن له، إن شئت أن تؤذينا وتبرح بنا. فأذنت له. فجلس على سرير مرمول (2)، فرجف به السرير، وكان عظيما طويلا! فقال عثمان: أما إنك الزاعم أنك خير من أبي بكر وعمر! قال: ما قلت. قال:
إني أنزع عليك بالبينة، قال: والله ما أدري ما بينتك وما تأتي به؟! وقد علمت ما قلت. قال: فكيف إذا قلت؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن أحبكم إلي وأقربكم مني الذي يلحق بي على العهد الذي عاهدته عليه " وكلكم قد أصاب من الدنيا، وأنا على ما عاهدته عليه، وعلى الله تمام النعمة.
وسأله عن أشياء، فأخبره بالذي يعلمه، فأمره أن يرتحل إلى الشام فيلحق بمعاوية. فكان يحدث بالشام، فاستهوى قلوب الرجال. فكان معاوية ينكر بعض شأن رعيته، وكان يقول: لا يبيتن عند أحدكم دينار ولا درهم، ولا تبر ولا فضة، إلا شئ ينفقه في سبيل الله، أو يعده لغريم.
وإن معاوية بعث إليه بألف دينار في جنح الليل. فأنفقها.