المدينة، فبينا أنا في حلقة فيها ملا من قريش، إذ جاء رجل أخشن الثياب، أخشن الجسد، أخشن الوجه، فقام عليهم فقال: بشر الكنازين برضف يحمى عليه في نار جهنم، فيوضع على حلمة ثدي أحدهم، حتى يخرج من نغض كتفه، ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه يتجلجل.
قال: فوضع القوم رؤوسهم، فما رأيت أحدا منهم رجع إليه شيئا.
فأدبر، فتبعته حتى جلس إلى سارية، فقلت: ما رأيت هؤلاء إلا كرهوا ما قلت لهم. قال: إن هؤلاء لا يعقلون شيئا; إن خليلي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم دعاني فقال: يا أبا ذر، فأجبته. فقال: ترى أحدا؟ فنظرت ما علي من الشمس - وأنا أظنه يبعثني في حاجة - فقلت: أراه، [فقال:] " ما يسرني أن لي مثله ذهبا، أنفقه كله، إلا ثلاثة دنانير " ثم هؤلاء يجمعون الدنيا، لا يعقلون شيئا!
فقلت: مالك ولاخوانك من قريش، لا تعتريهم ولا تصيب منهم؟
قال: لا وربك، ما أسألهم دنيا، [ولا] أستفتيهم عن دين حتى ألحق بالله ورسوله (1).
الأسود بن شيبان، عن يزيد بن الشخير، عن أخيه مطرف، عن أبي ذر، فذكر بعضه (2).