سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٥٩١
قلت: كان يظنه من يراه مصروعا، فيجلس فوقه ليرقيه، أو نحو ذلك.
عطاء بن السائب، عن عامر، عن أبي هريرة، قال: كنت في الصفة، فبعث إلينا رسول الله بتمر عجوة; فكنا نقرن التمرتين من الجوع; وكان أحدنا إذا قرن، يقول لصاحبه: قد قرنت، فاقرنوا (1).
عمر بن ذر: حدثنا مجاهد، عن أبي هريرة، قال: والله; إن كنت لأعتمد على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع; ولقد قعدت على طريقهم، فمر بي أبو بكر، فسألته عن آية في كتاب الله ما أسأله إلا ليستتبعني فمر، ولم يفعل، فمر عمر، فكذلك، حتى مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف ما في وجهي من الجوع، فقال: " أبو هريرة "؟، قلت: لبيك يا رسول الله. فدخلت معه البيت، فوجد لبنا في قدح، فقال: " من أين لكم هذا "؟ قيل: أرسل به إليك فلان. فقال: " يا أبا هريرة، انطلق إلى أهل الصفة (2)، فادعهم " وكان أهل الصفة أضياف الاسلام، لا أهل ولا مال إذا أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة، أرسل بها إليهم، ولم يصب منها شيئا، وإذا جاءته هدية، أصاب منها وأشركهم فيها،

(١) أخرجه ابن حبان في " صحيحه " (١٣٥٠) من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن جرير، عن عطاء بن السائب، عن أبي هريرة. وعطاء بن السائب قد اختلط، وجرير ممن سمع منه بعد الاختلاط، وذكره الحافظ في الفتح ٩ / ٤٩٤ في الأطعمة عن ابن حبان، وسكت عليه، وهو في " تاريخ دمشق " لابن عساكر ١٩ / ١١١ / ١.
(٢) الصفة: كانت في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة يكون فيها فقراء المهاجرين، ومن لا منزل له منهم، وأهلها منسوبون إليها.
وكان أهل الصفة يقومون بفروض عظيمة، منها تلقي القرآن والسنة، فكانت الصفة مدرسة الاسلام، ومنها حراسة النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها الاستعداد لتنفيذ أوامره وحاجاته في طلب من يريد طلبه من المسلمين وغير ذلك، وكانوا قائمين بهذه الفروض عن المسلمين.
(٥٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 586 587 588 589 590 591 592 593 594 595 596 ... » »»