سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٥٩٥
للمهاجرين والأنصار لا يحدثون مثله! وإن إخواني المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وكان إخواني من الأنصار يشغلهم عمل أموالهم; وكنت أمرا مسكينا من مساكين الصفة، ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، فأحضر حين يغيبون، وأعي حين ينسون، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث يحدثه يوما: " إنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي جميع مقالتي، ثم يجمع إليه ثوبه، إلا وعى ما أقول ".
فبسطت نمرة علي، حتى إذا قضى مقالته، جمعتها إلى صدري. فما نسيت من مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك من شئ (1).
الزهري أيضا عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: تزعمون أني أكثر الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم! والله الموعد إني كنت امرأ مسكينا، أصحب رسول الله على ملء بطني، وإنه حدثنا يوما، وقال: " من يبسط ثوبه حتى أقضي مقالتي، ثم قبضه إليه، لم ينس شيئا سمع مني أبدا " ففعلت.
فوالذي بعثه بالحق، ما نسيت شيئا سمعته منه (2).
والحديثان صحيحان محفوظان (3).

(١) أخرجه البخاري ٤ / ٢٤٧ في البيوع: باب ما جاء في قول الله عز وجل: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض) من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة، وأخرجه مسلم (٢٤٩٢) في فضائل الصحابة: باب من فضائل أبي هريرة من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وهو في " طبقات ابن سعد " 4 / 330، وابن عساكر 19 / 114.
والصفق في البيع: صوت وقع يد البائع على يد المشتري عند عقد التبايع.
(2) أخرجه البخاري 1 / 190 و 5 / 21 و 13 / 271، ومسلم (2294) من طريق الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
(3) وقال: الحافظ في " الفتح " 1 / 104 بعد أن ذكر الاسنادين: والاسنادان جميعا محفوظان صححهما الشيخان.
(٥٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 590 591 592 593 594 595 596 597 598 599 600 ... » »»