سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٥٦١
سعد، بعثه عمر على حمص; فمكث حولا لا يأتيه خبره. فكتب إليه: أقبل بما جبيت من الفئ. فأخذ جرابه وقصعته، وعلق إدواته، وأخذ عنزته (1)، وأقبل راجلا. فدخل المدينة، وقد شحب، واغبر، وطال شعره. فقال:
السلام عليك يا أمير المؤمنين. فقال: ما شأنك؟ قال: ألست صحيح البدن، معي الدنيا! فظن عمر أنه جاء بمال، فقال: جئت تمشي؟ قال نعم. قال: أما كان أحد يتبرع لك بدابة؟ قال: ما فعلوا، ولا سألتهم.
قال: بئس المسلمون! قال: يا عمر، إن الله قد نهاك عن الغيبة. فقال:
ما صنعت؟ قال: الذي جبيته وضعته مواضعه، ولو نالك منه شئ، لأتيتك به. قال: جددوا لعمير عهدا. قال: لا عملت لك ولا لاحد، قلت لنصراني: أخزاك الله.
وذهب إلى منزله على أميال من المدينة. فقال عمر: أراه خائنا; فبعث رجلا بمئة دينار، وقال: انزل بعمير كأنك ضيف، فإن رأيت أثر شئ، فأقبل; وإن رأيت حالا شديدة; فادفع إليه هذه المئة. فانطلق، فرآه يفلي قميصه. فسلم. فقال له عمير: انزل. فنزل. فساءله، وقال: كيف أمير المؤمنين؟ قال: ضرب ابنا له على فاحشة، فمات.
فنزل به ثلاثا، ليس إلا قرص شعير يخصونه به، ويطوون. ثم قال:
إنك قد أجعتنا. فأخرج الدنانير، فدفعها إليه. فصاح، وقال: لا حاجة لي

هل الحدث الحمراء تعرف لونها * وتعلم أي الساقيين الغمائم سقتها الغمام الغر قبل نزوله * فلما دنا منها سقتها الجماجم ويقول:
نثرتهم فوق الأحيدب كله * كما نثرت فوق العروس الدراهم (1) العنزة: عصا في قدر نصف الرمح أو أكبر يتوكأ عليها.
سير 2 / 36
(٥٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 556 557 558 559 560 561 562 563 564 565 566 ... » »»