سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٥١٥
قال: لأسلنك منهم سل الشعرة من العجين، ولي مقول يفري ما لا تفريه الحربة. ثم أخرج لسانه، فضرب به أنفه، كأنه لسان شجاع بطرفه شامة سوداء، ثم ضرب به ذقنه (1).
يحيى ابن أيوب: حدثنا عمارة بن غزية، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة: أن حسان قال: والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني هذا. ثم أطلع لسانه، كأنه لسان حية.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لي فيهم نسبا، فائت أبا بكر، فإنه أعلم قريش بأنسابها، فيخلص لك نسبي ". قال: والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم ونسبك سل الشعرة من العجين. فهجاهم. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد شيت واشتفيت " (2).
محمد بن السائب بن بركة، عن أمه: أنها طافت مع عائشة، ومعها نسوة، فوقعن في حسان، فقالت: لا تسبوه، قد أصابه ما قال الله:
* (أولئك لهم عذاب أليم) * وقد عمي، والله إني لأرجو أن يدخله الله الجنة بكلمات قالهن لأبي سفيان بن الحارث:
هجوت محمدا فأجبت عنه * وعند الله في ذاك الجزاء فإن أبي ووالده وعرضي * لعرض محمد منكم وقاء أتهجوه ولست له بكفء * فشركما لخيركما الفداء (3)

(1) " تهذيب ابن عساكر " 4 / 130. والشجاع: الحية الذكر.
(2) رجاله ثقات. وأخرجه الطبراني (3582) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن يحيى بن أيوب بهذا الاسناد. وأخرجه بنحوه مسلم (2490) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن عمارة بن غزية، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن عائشة.
(3) الخبر مع الشعر في " الأغاني " 4 / 163، من طريق عمر بن شبة، عن أبي عاصم، عن ابن جريج، عن محمد بن السائب، عن أمه. وأخرجه أيضا من طريق الحسن بن علي، عن أحمد بن زهير، عن إبراهيم بن المنذر، عن سفيان بن عيينة، عن محمد بن السائب بن بركة؟
عن أمه. وأبو سفيان بن الحارث: هو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة، كان يألف النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية، فلما بعث عاداه، وهجاه، ثم أسلم عام الفتح، وشهد حنينا. وقوله: " فشركما لخيركما الفداء ". قال السهيلي: وفي ظاهر اللفظ بشاعة، لان المعروف أن لا يقال: هو شرهما إلا وفي كليهما شر. ولكن سيبويه قال في " كتابه ": تقول: مررت برجل شر منك: إذا نقص عن أن يكون مثله، وهذا يدلع الشناعة، ونحو منه قوله صلى الله عليه وسلم: " شر صفوف الرجال آخرها " يريد: نقصان حظهم عن حظ الأول.
(٥١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 520 ... » »»