هذا على أن القطعة التي عنده من " تهذيب الكمال " مأخوذة عن نسخة المزي في وقت مبكر أيضا، أو أنه اعتمد على " تذهيب " المصنف.
أما ابن حجر رحمه الله فكانت نسخته من " تهذيب " المزي متأخرة، وأكد أن رواية البخاري عنه جاءت في رواية المستملي وحده عن الفربري، ورمز له في كتابيه: خ، وحذف بخ، لأنه رمز ثانوي بالنسبة لغيره، وكذلك رمز في " مقدمة الفتح " ص 386.
قلت: لو قال الحافظ: روايته جاءت في رواية أبي ذر الهروي، عن المستملي، عن الفربري، لكان أدق، لأنه قال في " الفتح " 1: 6 " وأما رواية المستملي: فرواها عنه الحافظ أبو ذر عبد بن أحمد الهروي، وعبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ". وذكر بعد اثني عشر سطرا سنده برواية أبي ذر، وبعد أربعة أسطر أخرى سنده برواية عبد الرحمن الهمذاني.
ورواية البخاري عن أحمد بن عاصم هذا جاءت في رواية أبي ذر فقط، عن المستملي، ولم تأت في الرواية الثانية عنه، كما سيأتي.
ثانيا: إن راية البخاري عن أحمد بن عاصم جاءت عقب الحديث الثاني في باب رفع الأمانة من أبواب كتاب الرقاق 11: 333 (6497)، وفيها تفسير كلمة لغوية، يرويه أحمد بن عاصم، عن أبي عبيد، عن الأصمعي وأبي عمرو بن العلاء وغيرهما. ولا أدري على أي طبعة اعتمد الدكتور بشار عواد، فنفى رؤيته لها في الباب المذكور، وهو الباب الذي سماه المزي في كلامه السابق.
ولا بد من لفت النظر إلى أمرين:
أولهما: جاءت هذا الزيادة في صلب متن " صحيح البخاري " في بعض طبعاته، ولعل أقدمها طبعة دار الطباعة العامرة بالآستانة المطبوعة سنة 1315، ذات الثمانية أجزاء في أربع مجلدات. وجاءت على حاشية المتن في طبعة بولاق المطبوعة سنة 1319، ذات التسعة أجزاء في ثلاث مجلدات، وعليها الحواشي الكثيرة التي فيها الإشارة إلى مغايرات النسخ والروايات، وكانت قد طبعت عن فرع النسخة اليونينية، وصورت هذه الطبعة في بيروت مرارا، ووضع ناشرها في مقدمتها مقالا للعلامة الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله فيه دراسة عن النسخة اليونينية، وتاريخ هذه الطبعة، وأن شرح القسطلاني على البخاري يتميز عن سائر الشروح بذكره مغايرات اليونينية.
أقول: جاءت هذه الزيادة على حاشية هذه النسخة ورمز فوقها: (لا) صورة هاء مفردة وفوتها رأس السين، وهما رمزا: أبي ذر الهروي، عن المستملي. وإن إلحاق هذه الزيادة على الحاشية أولى وأدق من إدخالها على صلب الكتاب.
وقد جاءت في نسخة الحافظ من " صحيح البخاري " فتكلم عليها، ولم تأت في نسخة الإمام العيني " فأهملها ولم يتكلم عليها.
ويستغرب من الباجي رحمه الله أنه لم يترجم لأحمد بن عاصم هذا في كتابه " التعديل والتجريح " مع أنه يروي " صحيح البخاري " عن أبي ذر، عن شيوخه الثلاثة: المستملي، والكشميهني، والحموي، عن