وأنبه إلى أمرين يتعلقان بالتنصيص على العدالة:
أولهما: هل يشترط في النص أن يكون من إمام من أئمة الجرح والتعديل؟.
ثانيهما: هل يشترط فيه أن يكون نصا صريحا - فلان ثقة - أو: يقبل التوثيق الضمني، وذلك بتصحيح حديثه مثلا؟
والجواب عن الأمر الأول: أنه لا بد من أهلية صاحب التعديل، وعبارة ابن الصلاح عامة: " تنصيص معدلين على عدالته ". وهذا لا خلاف فيه.
لكن بعضهم ذكر صورة ما لو عدله أحد الرواة عنه، فهل يكتفى بذلك؟ كما لو قال رجل: حدثني فلان وكان صدوقا، أو كان ثقة، ونحو ذلك، فما القول؟ قال السخاوي رحمه الله في " فتح المغيث " 1: 296 " صرح ابن رشيد بأنه لو عدله المنفرد عنه كفى، وصححه شيخنا - ابن حجر - أيضا إذا كان متأهلا لذلك، ومن هنا ثبتت صحبة الحابي برواية الواحد المصرح بصحبته عنه ".
والجواب عن الأمر الثاني: أنهم صرحوا بقبول التوثيق الضمني، وهذه نصوص ما وقفت عليه.
1 " - روى الترمذي عن فريعة أخت أبي سعيد الخدري حديثها في اعتدادها في بيتها وأنه لا يجوز الاعتداد في بيت أهلها، وقال: حسن صحيح، وضعفه ابن حزم بجهالة حال زينب بنت كعب بن عجرة رواية الحديث عن الفريعة، فتعقبه ابن القطان - كما في " نصب الراية " 3: 264 - فقال: " وليس عندي كما قال: بل الحديث صحيح، فإن سعد بن إسحاق ثقة، وممن وثقه النسائي، وزينب كذلك ثقة، وفي تصحيح الترمذي إياه توثيقها وتوثيق سعد بن إسحاق، ولا يضر الثقة أن لا يروي عنه إلا واحد، وقد قال ابن عبد البر: إنه حديث مشهور. انتهى ".
ولما خالف ابن القطان هذا المنهج تعقبه الإمام ابن دقيق العيد رحمهما الله تعالى:
2 " - فقد روى عمرو بن بجدان، عن أبي ذر رضي الله عنه حديث: " الصعيد الطيب وضوء المسلم... "، ولم يرو عن عمرو إلا أبو قلابة، فضعف ابن القطان الحديث به فقال - كما في " نصب الراية " 1: 149 -: " هذا حديث ضعيف بلا شك، إذ لا بد فيه من عمرو بن بجدان، وعمرو بن بجدان لا يعرف له حال، وإنما روى عنه أبو قلابة ".
3 " - وعقبه الزيلعي رحمه الله بكلام ابن دقيق العيد فقال: " قال الشيخ تقي الدين في " الإمام ": ومن العجب كون ابن القطان لم يكتف بتصحيح الترمذي في معرفة حال عمرو بن بجدان، مع تفرده بالحديث، وهو قد نقل كلامه: هذا حديث حسن صحيح، وأي فرق بين أن يقول: هو ثقة، أو يصحح له حديثا انفرد به! وإن كان توقف عن ذلك لكونه لم يرو عنه إلا أبو قلابة فليس هذا بمقتضى مذهبه، فإنه لا يلتفت إلى كثرة الرواة في نفي جهالة الحال، فكذلك لا يوجب جهالة الحال بانفراد راو واحد عنه بعد وجود ما يقتضي تعديله، وهو تصحيح الترمذي ".
4 " - وقال المصنف في " الميزان " 4 (10478): " أبو عمير بن أنس بن مالك... تفرد عنه أبو بشر،