ومن كان شأنه التثبت في أموره: فهو متقن، ولا يكون الرجل متقنا إلا إذا كان كلما عرض له شك في محفوظ له أزال الشك بالمراجعة.
فالمتقن والثبت سيان متلازمان، إذ لا يتم الإتقان إلا بعملية التثبت.
4 - وقد يكون الرجل ثقة، ولا يكون حجة، كما يستفاد من قول الإمام يحيى بن معين في محمد بن إسحاق صاحب " المغازي ". ففي رواية الدوري عن ابن معين 2: 504 (1047): " ثقة ولكنه ليس بحجة " (1).
ونحوه قوله في إسماعيل بن أبي أويس: " صدوق وليس بحجة "، كما في " فتح المغيث " 1: 338، و " توضيح الأفكار " 2: 264 - 265.
وقال يعقوب بن شيبة في أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي: " ثقة وليس بحجة " حكاه في " تهذيب التهذيب " 1: 50، و " فتح المغيث " 1: 338.
فإذا قالوا في رجل ما (حجة) فيكون قد جاز قنطرة النظر في حديثه: هل يحتج به أو لا؟
وهذه الألفاظ الأربعة وردت في " الكاشف " ويلحق بها لفظ خامس لم أره فيه - فيما أذكر - أذكره للفائدة وهو:
5 - متين: ففي " صحيح ابن خزيمة " 2: 312 (1376) عن الإمام محمد بن يحيى الذهلي أنه قال في حجاج الصواف: " متين "، وفسرها ابن خزيمة بأنه يريد: " ثقة حافظ ". ففيها الدلالة على مزيد الحفظ، فهي بمثابة قولهم: متقن، والله أعلم.
6 - موثق (1488): وظاهر هذا التعبير يفيد أن صاحبه ملحق بالثقة إلحاقا ولم يسلم له وصوله مرتبة (الثقة)، فهو دونها، نظير تفرقتهم بين: ضعيف ومضعف، وضعيف و متكلم فيه، وصحيح و مصحح، وحلال ومحلل...، لكن عكر علي قول الحافظ في مقدمة " لسان الميزان " 1: 4 عن رجال " التهذيب ": " إما أئمة موثقون، وإما ثقات مقبولون... "، فوصف الأئمة بأنهم موثقون، وكذلك جاء النص في النسخة الخطبة من " اللسان " المحفوظ أصلها في مكتبة أحمد الثالث بإصطنبول، فقد راجعتها خشية أن يكون صواب ما في النسخة المطبوعة: أئمة موثوقون.
ثم سألت عنها شيخنا العلامة المحدث الضليع الشيخ عبد الله الصديق الغماري حفظه الله تعالى حين زيارته المدينة المنورة في شهر رجب من هذا العام 1410، فقال: مراد الحافظ أنهم متفق على ثقتهم.
وهذا المراد هو المتعين من سياق كلامه، لكن هل هذا يسوغ استعمال هذه اللفظة في هذا المقام؟.
والرجل الذي أشرت إلى ترجمته برقم (1488) وقال عنه المصنف (موثق) قال عنه المصنف نفسه في " الميزان " 2 (2697) حكما من عنده: " ثقة ".