ولهذا فإني أرى لزاما على المشتغلين بإخراج التراث وخدمته خدمة متقنة: التوجه إلى إخراج الكتب الأصول القديمة، التي هي أمهات لغيرها، مهما استطاعوا إلى ذلك سبيلا. والله ولي التوفيق.
2 " - وفي الرواة رجلان يقال لأحدهما: زيد بن حبان الرقي، وللثاني: زيد بن حباب العكلي، وقد قال ابن معين في الرقي: " لا شئ "، قاله لإسحاق بن منصور لما سأله عنه، نقله ابن أبي حاتم في " الجرح " 3 (2536). وقال ابن معين أيضا في العكلي: " ثقة "، قاله لعثمان الدارمي، كما في " تاريخه " (342)، ولفظه: " قلت: فزيد بن حباب؟ فقال: ثقة ".
لكن وقع في نسخة ابن عدي من " تاريخ الدارمي " تحريف، ففيه: " قلت: فزيد بن حبان؟ فقال:
ثقة "، ويؤكد أن هذا تحريف: كون ابن أبي حاتم نقل كلام عثمان الدارمي 3 (2538 على صوابه، كما جاء في المطبوع منه.
3 " - وجاء في " تاريخ الدارمي " أيضا ما رقمه ولفظه:
" 523 - قلت ليحيى: عبد الله العمري ما حاله في نافع؟ فقال: صالح.
524 - قلت: فالليث - أعني ابن سعد - كيف حديثه عن نافع؟ فقال: صالح ثقة ".
هذا ما جاء في " تاريخ الدارمي "، وكأنه حصل سقط في نسخة ابن عدي منه - أو سبق نظر منه - بسبب تكرار كلمة " صالح " في الترجمتين، فسبق نظر ناسخها من الترجمة الأولى إلى الثانية، فجاء في " الكامل " 4: 1459: " قلت ليحيى: عبد الله العمري ما حاله في نافع؟ فقال: صالح ثقة ".
فيكون ابن معين قد وثق رواية العمري عن نافع، وليس كذلك، وإنما هو سقط وتجاوز نظر من ترجمة إلى ترجمة. والله أعلم.
وقد تبع ابن عدي على هذا الخلل: الحافظان الذهبي في " الميزان " 2 (4472)، وابن حجر في " التهذيب " 5: 328 آخر الترجمة، وكأن سببه عدم مراجعة الأصول؟ والله أعلم.
4 " - وفي " تاريخ الدارمي " أيضا (783): " قلت ليحيى: فمالك بن عبيدة الديلي تعرفه عن أبيه عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم: لولا رجال خشع؟ فقال: ما أعرفه ". وهكذا جاء لفظه عند ابن أبي حاتم 8 (948) ، فالضمير في صيغة السؤال " تعرفه " يعود على مالك، ولا شئ قبله مذكور سواه، والجواب عائد عليه.
في حين أن اللفظ جاء عند ابن عدي 6: 2377: " قلت ليحيى بن معين: فمالك بن عبيدة الديلي، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لولا رجال خشع " تعرفه؟ قال: لا أعرفه "، ففهم ابن عدي عود الضمير على أقرب مذكور، وهو لفظ الحديث، لا رواية، لذلك قال عقبه: " هذا الحديث الذي قال ابن معين لا يعرفه: حدثناه عبدان، وعبد الله بن محمد بن نصر بن سليم الرملي، وابن سليم، قالوا... " وساق سنده ومتنه!.
5 " - وفي " تاريخ الدارمي " كذلك (486): " قلت: فعبد الله بن نعمان، عن قيس بن طلق؟ قال:
شيوخ يمامية ثقات ".
فتحرف على ابن أبي حاتم في " الجرح " (956)، 7 (568) إلى: عبد الله بن يعمر، ذلك لأن السابقين كانوا يكتبون (نعمان) دون ألف: نعمن، وإذا رجعنا إلى عصر ابن أبي حاتم، ولا حظنا عدم نقطهم