فنقلهم ورمز فوق كل واحد منهم رمز من روى عنه، وغالبهم من شيوخ النسائي، وواحد من شيوخ مسلم، وواحد من شيوخ أبي داود.
وجاء في آخر النسخة فوائد بخطه أيضا، أثبتها بنصها لفائدتها. قال رحمه الله:
" وجدت بخط الإمام الحافظ أبي الربيع الياسوفي (1) ما نصه حرفا بحرف:
كتب الإمام محمد بن الفضل التيمي ما صورته على المجلد الثاني من " معجم الطبراني الكبير "، وقف الملك نور الدين الشهيد (بالمدرسة؟) الحنفية بدمشق، ومنها قرأت وسمعت:
قال البخاري رحمه الله: آفة أصحاب الحديث الشره. يعني: أنهم (يولعون) بالإكثار من السماع والرواية، ويجمعون بين الغث والسمين، وقلما يميزون رواياتهم بين الصحيح والسقيم، (ولا يأخذون) ما ثبت سنده، ويتركون ما زيف رواته.
وكان الطبراني رحمه الله ممن عني بالإكثار، فكان يورد في تصانيفه (ما لا يثبت) عند السبر والامتحان، ولا يقتصر على روايات أهل الإتقان، بل يجمع بين الأروى والنعام.
وذكر في هذا الكتاب أحاديث فيها قرض (2) جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم، وطعن على قوم من بني أمية، وثلب لخلفاء بني العباس، وهذا - وإن كان محالا على قوم، ورواية عن جماعة - فلا يرخص فيه أن يورد في الكتاب ما فيه مغمز هم، (وليته) اقتصر على المشهور، واحترز من الشواذ التي وردت عن أقوام غير معدلين، وطوائف بمذاهب السوء (معروفين).
فالصواب: أن يعتمد على الثابت مما أورده، ولا يعتمد على ما لا يثبت من ذلك، وإن كان ما أورده من الشواذ منسوبا إلى غيره وهو منه بريء. وكتب العبد محمد بن الفضل بخطه.
نقله منه كما شاهده حرفا بحرف سليمان بن يوسف.
ومنه كذلك إبراهيم سبط ابن العجمي ". ومنه كذلك محمد عوامة الحلبي الأصل، المدني الإقامة، غفر الله له.
وما بين الهلالين كلمات زدتها من عندي لربط الكلام، وقد لصق ورقة صغيرة فوقها الترقيع صفحة المخطوطة الأصلية.
وأقول: إن هذه فائدة عظيمة، تحتاج إلى دراسة تاريخية: لم قال الإمام البخاري رحمه الله هذه الكلمة التي تصور آفة من آفات الرواة الجماعين، وإلى دراسة اصطلاحية، وعقدية. فرحم الله أئمتنا، ما أوجز كلماتهم، وما أجمعها للفوائد.
ونحو كلمة البخاري هذه، كلمة لشيخه الإمام يحيى بن معين رحمه الله، فقد روى عنه ابن الجنيد في " سؤالاته " (62) قال: " سمعت يحيى بن معين يقول: ما أهلك الحديث أحد ما أهلكه أصحاب الإسناد.
يعني: الذين يجمعون المسند، أي يغمضون في الأخذ من الرجال ".