لما أخذ أبو موسى الأشعري الهرمزان بعث به في وثاق إلى عمر بن الخطاب مع أنس بن مالك فسار به أنس، فلما قرب إلى المدينة كتب إلى عمر وخبر بحاله، فكتب إليه عمر: أن عظموا أسيركم، وأدخلوه المدينة على هيئة جميلة. فأدخل المدينة وعليه الديباج، وفي وسطه منطقة من ذهب، وعليه قلائد من ذهب مرصعة بالجواهر، فلما دخلوا به على عمر، قام ابن ذي النمر الخزاعي، فقال: يا أمير المؤمنين إن الناس إلى ذم المحسن أقرب منهم إلى ذم المسئ، وإن والينا خير وال، يأخذ منا الحق أغنى ما نكون عنه، ويعطيناه أحوج ما نكون إليه. أسد بالنهار، راهب بالليل، يأكل طعام أزهدنا، يلبس ثياب أفقرنا، يقاتل قتال الصعلوك، ويسوس سياسة الملوك، فجزاك الله عنا فيه خيرا وجزاه عنا فيك خيرا، ثم أنشأ يقول:
قدمنا المدينة بالهرمزان * عليه القلائد والمنطقة يزف إليك كزف العروس * على بغلة سهوة معنقة قد أنزله الله من حصنه * على الحكم يرجوك ان تعتقه وذا الأشعري لنا والد * وأم بنا برة مشفقة تهئ المهاد لأولادها * وتنقض عن (1) لطفها المرفقة ترى الوجه منه طليقا لنا * ونلقاه بالأوجه المشرقة فلسنا نريد به غيره * عليه الجماعة مستوسقه فلا تشمتن بنا حاسدا * رماه بأسهمه المفرقة قال: فأشرق وجه عمر سرورا بكلامه.