تهذيب الكمال - المزي - ج ١٥ - الصفحة ٣٠٤
ولا تنقل ميرتنا تنقيثا (1)، ولا تملا بيتنا تعشيشا (2).
قال عروة: وقد كانت عائشة وضعت لي معه كلب أبي زرع فأنسيته. قالت: خرج أبو زرع والأوطاب تمخض (3)، فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين (4) فنكحها وطلقني، فنكحت بعده رجلا سريا ركب شريا (5) وأخذ خطيا (6)، قد أراح علي نعما ثريا (7)، فقال: كلي أم زرع، وميري أهلك (8). قالت:
فلو جمعت كل شئ أعطانيه، ما بلغ أصغر آنية أبي زرع.
قالت عائشة: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كنت لك كأبي زرع لام زرع " (9).

(1) ولا تنقل ميرتنا تنقيثا; الميرة: الطعام المجلوب، ومعناه لا تفسده ولا تفرقه ولا تذهب به، أي وصفها بالأمانة.
(2) أي لا تترك الكناسة والقمامة فيه مفرقة كعش الطائر، بل هي مصلحة للبيت معتنية بتنظيفه.
(3) والأوطاب تمخض، الأوطاب: هي أسقية اللبن التي يمخض فيها. أرادت أن الوقت الذي خرج فيه كان في زمن الخصب وطيب الربيع.
(4) يلعبان من تحت خصرها برمانتين: قال أبو عبيد: معناه إنها ذات كفل عظيم فإذا استلقت على قفاها نتأ الكفل بها من الأرض حتى تصير تحتها فجوة يجري فيها الرمان.
(5) رجلا سريا ركب شريا; سريا: معناه سيدا شريفا، وقيل سخيا. وشريا: هو الفرس الذي يستشري في سيره، أي: يلح ويمضي بلا فتور ولا انكسار.
(6) الخطي: الرمح، منسوب إلى الخط قرية من سيف البحر.
(7) وأراح علي نعما ثريا: أي أتى بها إلى مراحها، وهو موضع بيتها. والنعم: الإبل والبقر والغنم، والثري: الكثير المال وغيره، ومنه الثروة في المال وهي كثرته.
(8) وميري أهلك: أي أعطيهم وأفضلي عليهم وصليهم.
(9) كنت لك كأبي زرع لام زرع: هو تطبيب لنفسها، وأيضا لحسن عشرته إياها.
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»
الفهرست