سلمان فقال: يا أبا عبد الله أوصني. قال: لا تتكلم. قال: ما يستطيع من عاش في الناس أن لا يتكلم قال: فإن تكلمت، فتكلم بحق أو أسكت.
قال: زدني. قال: لا تغضب. قال: أمرتني أن لا أغضب، وإنه ليغشاني مالا أملك. قال: فإن غضبت، فاملك لسانك ويدك. قال: زدني، قال:
لا تلابس الناس. قال: ما يستطيع من عاش في الناس أن لا يلابسهم.
قال: فإن لا بستهم فاصدق الحديث وأد الأمانة.
وقال ثابت، عن أنس: اشتكى سلمان فعاده سعد فرآه يبكي فقال سعد: ما يبكيك يا أخي؟ ألست قد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ألست ألست؟ فقال: ما أبكاني واحدة من اثنتين ما أبكاني صبابة بالدنيا ولا كراهية للآخرة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا أنه يكفي أحدكم مثل زاد الراكب فلا أراني إلا قد تعديته، وأما أنت يا سعد فاتق الله وحده عند حكمك إذا حكمت، وعند قسمك إذا قسمت، وعند همك إذا هممت. قال ثابت: فبلغني أنه ما ترك إلا بضعة وعشرين درهما نفيقة كانت عنده (1).
وقال الحافظ أبو نعيم - فيما أخبرنا أبو العز الشيباني، عن أبي اليمن الكندي، عن أبي منصور القزاز، عن الحافظ أبي بكر (2) عنه: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، قال: سمعت جعفر بن أحمد بن فارس يقول: سمعت العباس بن يزيد يقول لمحمد بن النعمان: يقول أهل العلم: عاش سلمان ثلاث مئة سنة وخمسين سنة. فأما مئتين وخمسين سنة فلا يشكون فيه..