سفيان بن عيينة يقول: أحب للرجل أن يعيش عيش الأغنياء ويموت موت الفقراء. ثم قال سفيان: وقل ما يكون هذا.
وقال المسيب بن واضح: سئل ابن عيينة عن الزهد ما هو؟ قال:
الزهد فيما حرم الله، فأما ما أحل الله فقد أباحكه الله، فإن النبيين قد نكحوا وركبوا ولبسوا وأكلوا، ولكن الله - تعالى - نهاهم عن شئ فانتهوا عنه وكانوا به زهادا.
وقال عبد الرحمان بن عمر رستة: أخبرني من سمع ابن عيينة وسئل عن الورع فقال: الورع طلب العلم الذي يعرف به الورع، وهو عند قوم طول الصمت، وقلة الكلام، وما هو كذلك، إن المتكلم العالم أفضل عندنا وأورع من الجاهل الصامت وقال يحيى بن يحيى النيسابوري: كنت عند سفيان بن عيينة إذ جاءه رجل فقال: يا أبا محمد، أشكو إليك من فلانة - يعني امرأته -.
أنا أذل الأشياء عندها وأحقرها. فأطرق سفيان مليا، ثم رفع رأسه فقال:
لعلك رغبت إليها لتزداد بذلك عزا؟ فقال: نعم يا أبا محمد. فقال: من ذهب إلى العز ابتلي بالذل، ومن ذهب إلى المال ابتلي بالفقر، ومن ذهب إلى الدين يجمع الله له العز والمال مع الدين. ثم أنشأ يحدثه فقال: كنا إخوة أربعة: محمد، وعمران، وإبراهيم، وأنا، فمحمد أكبرنا وعمران أصغرنا، وكنت أوسطهم، فلما أراد محمد أن يتزوج رغب في الحسب، فتزوج من هي أكبر مالا منه فابتلاه الله بالفقر، أخذوا ما في يديه ولم يعطوه شيئا، فنقبت في أمرهما، فقدم علينا معمر بن راشد فشاورته، وقصصت عليه قصة أخوي، فذكرني حديث يحيى بن