الهدهد فإن احتاجوا إلى الماء جاء الهدهد فشم الأرض ثم نقر بمنقاره فيحفر الماء على وجه الأرض فبينما سليمان يسير بين المشرق والمغرب في مفازة احتاج الجنود إلى الماء وكان الهدهد غائبا فشكت الجنود العطش إلى آصف وكان صاحب أمر سليمان فقال أيها الملك إن الجنود قد عطشوا ولا ماء فرفع سليمان رأسه فنظر إلى الطير ففقد الهدهد فقال " ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين (1) " فقالت الطير هو من الغائبين فغضب سليمان فقال بعد عني وأنا في المفازة معي الجنود " لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين " (2) قال عذر مبين فلما سمع الطير ذلك استقبلوا الهدهد فقالوا ويلك أين كنت (3) قد غضب عليك وحلف ليعذبنك أو ليذبحنك أو لتأتينه بعذر مبين يخرجك من ذنبك (4) فلما سمع الهدهد ذلك أدبر راجعا فارتفع حتى أشرف على الجبال والبحور فبينا هو كذلك إذ أشرف على جبل سبأ ونظر إلى بلقيس ملكتهم وهي جالسة على عرشها وبين يديها ألف رجل متقلدون السيوف قيام كل رجل منهم ملك على قومه فلما رأى الهدهد ذلك قال هذا حجتي التي أرجع بها إلى سليمان فرجع فوقع بين يدي سليمان فسجد فقال سليمان ما لك وأين غبت فقال " أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين " (5) قال وما نبؤك قال " إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم " إلى " فهم لا يهتدون " (6) فدعا سليمان برق فكتب فيه بيده وطواه وختمه بخاتمه ولم يكتب فيه عنوانا ثم قال " سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين " إلى " فانظر ماذا يرجعون " (7) فانطلق الهدهد بالكتاب حتى ألقاه في حجر بلقيس وفي رواية فجاء الهدهد وقد غلقت الأبواب وكانت تغلق أبوابها وتضع مفاتحها تحت رأسها
(٧١)