وغنت لحنا فقلت أخطأت والله أي زانية وأسأت ثم اندفعت فغنيت الصوت فوثبت الجارية فقالت لمولاها هذا والله أبو عثمان سعيد بن مسجح فقلت إني والله أنا هو ولا أقيم عندكم فوثب القرشيون فقال لي هذا يكون عندي وقال هذا لا بل يكون عندي فقلت لا والله لا أقيم إلا عند سيدكم يعني الرجل الذي أنزله وسألوه عما أقدمه فأخبرهم فقال له صاحب منزله أنا أسمر الليلة عند أمير المؤمنين فهل تحسن أن تحدو قال لا والله ولكني أصوغ لحنا على الحداء قال فافعل فصنع لحنا على ألحان الحداء في هذا الشعر * إنك يا معاوي (1) المفضل * إن زلزل الأقوام (2) لم تزلزل عن دين موسى والكتاب المنزل * تقيم أصداغ القرون الميل للحق حتى ينتحوا للأعدل وسمعه الفتى فقال أحسنت والله وأجدت رح معي فراح معه وجلس على الباب فلما طابت نفس عبد الملك بعث القرشي بغلامه إليه أن يعلو السور ويرفع صوته بالأبيات وكان من أحسن الناس صوتا ففعل فلما سمع عبد الملك صوته طرب وقال من هذا قال الفتى هذا رجل من أهل الحجاز قدم علينا فأحببت أن تسمع حذاءه قال هاتوه فجاؤوا به فسمعه من قريب ثم قال أتغني غناء الركبان قال نعم قال فغن فغناه فازداد طربه واستزاده ثم قال له هل تغني الغناء المتقن قال نعم قال نمن فغناه فاهتز عبد الملك طربا واستزاده فقال له أقسم إن لك في القوم اسما كبيرا فمن أنت منهم قال أنا المظلوم المنفي المقبوض ماله ابن مسجح فأمر بالكتاب إلى عامله برد ماله وألا يعرض له بسوء إذا عاد إلى وطنه وأمر له بمئة وسأل القرشي عن خبره فأخبره به فضحك حتى استغرب فقال عن الصوت الذي أخطأت فيه الجارية فغناه وهو للحادرة (3) (4) * بكرت سمية غدوة فتمتع * وعدت غدو مفارق لم يرجع (5)
(٦٦)