خرج ذو رعين ملك اليمن يتصيد ومعه العساكر فطاب له الصيد وانقطع عن عسكره فعطش واشتد عطشه فسار في تلك الصحراء يطلب ماء إذ رفع له خباء فقصده فإذا شيخ محتب بفناء الخيمة فقال أنعم صباحا أيها الشيخ قال وأنت قال اسقني ماء فقال الشيخ يا حسنة أسقي عمك ماء فخرجت جارية كأنها الشمس الطالعة أصاب الصحراء من نور وجهها وبيدها كأس من ياقوت أحمر فتعجب الملك من جمالها وقال في قصري ألف جارية ما فيهن جارية في جمالها ولا في مملكتي مثل هذا الكأس فأخذ الكأس من يدها فشرب حتى روي وانصرفت فقال الملك أيها الشيخ ما هذه الجارية منك قال ابنتي قال ألها زوج قال لا ولا تزوجت قط قال أفتزوجني إياها قال لا قال ولم قال تصلح لك قال لأي شئ قال لأني من الجن وأنت من الإنس قال الملك قد رضيت وأنا كفؤ كريم أنا ذو رعين ملك اليمن بيدي والحجاز والسند والهند وقد هويت ابنتك فلا تحرمني إياها فقال لها الشيخ ما تقولين قالت إن أجابني إلى خصلة واحدة تزوجت به قال الملك وما هي قالت لا تسألني عن شئ أعمله لم عملته فإني لا آلوه نصحا فمتى سألني عن شئ فعلته لم فعلته فهو طلاقي ولا يراني أبدا فأجابه الملك إلى ذلك وأحضر الشيخ إخوانه من الجن وأقاربه وعقد نكاح ابنته وسار الملك إلى قصر وحملت إليه ودخل بها وجليت عليه فكانت كل يوم تتصور له في صورة جديدة وثياب جدد وحلي جديد ثم حملت منه وكان للملك ذي رعين سبعون بنتا وما رزق ابنا قط وهو يشتهيه ويتمناه فلما تم حملها ولدت ابنا من أحسن البنين فبشر الملك بذلك فسر سرورا عظيما وفتح بيوت الأموال وللصدقات والجوائز وقطعت ثياب الخلع للأمراء والقواد وصنعت السروج وأعد الطعام كل ذلك الأسبوع فوثبت إلى الابن فذبحته وإلى الطعام فأراقته وإلى الخلع والسروج فضرمت فيها النار ولما بلغ ذلك الملك غضب غضبا شديدا وهم بقتلها وقام ليسألها لم صنعت ذلك فقال له وزيره كيف حبك لها قال ما أحببت شيئا قط كحبي لها ولو غابت عن بصري حسبت التلف على نفسي فقال أيها الملك لا تلم إلا نفسك إذ تزوجت جنية ليست من جنسك ولا تحبك ولا تشفق عليك ولعلها تبغضك وتريد فراقك ففعلت هذا لتسلها فتخرج من قصرك فيكون ابن الملك قد مات ويزول عن الملك من يحبه ويهواه فلا يطيق فراقه ويعطيها مناها فقال الملك أما بغض فما تبغضني لأني أتتني محبتها لي وشفقتها علي وتوقف الملك عن مسألتها وهي مع ذلك متحننة على الملك غير مقصرة عن خدمته والتذلل له فلما طهرت من نفاسها واقعها الملك فحملت
(٦٩)