قال قلت صف لي منطق رسول الله عليه الصلاة والسلام قال كان متواصل الأحزان دائم الفكر ليست له راحة طويل السكت لا يتكلم في غير حاجة يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه ويتكلم بجوامع الكلم لا فضول ولا يقصر ليس بالجافي (1) ولا المهين يعظم النعمة وإن دقت لا يذم فيها شيئا غير أنه لم يكن ذواقا ولا تغضبه الدنيا وما كان منها (2) فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له إذا أشار أشار بكفه كلها وإذا تعجب قلبها وإذا تحدث اتصل بها يضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى فإذا غضب أعرض وأشاح فإذا فرح غض طرفه جل ضحكه التبسم ويفتر عن حب مثل الغمام قال الحسن فحدثت به الحسين فوجدته قد سبقني إليه فسألته عما سألته فوجدته قد سأل أباه رضي الله تعالى عنهما عن مدخل النبي (صلى الله عليه وسلم) ومخرجه وشكله ومجلسه أو قال وسكته ولم يدع منها شيئا قال الحسين فسألته عن دخول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال كان دخوله لنفسه مأذون له في ذلك وكان إذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء جزأ لله تعالى وجزأ لنفسه وجزأ لأهله ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس فرد ذلك عن العامة بالخاصة ولا يدخر عنهم (3) شيئا فكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل (4) الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين فمنهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين (5) ومنهم ذو الحوائج فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والأمة من مسألتهم وإجرائهم بالذي ينبغي لهم ويقول ليبلغ الشاهد الغائب أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغ حاجته فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يقدر إبلاغها أثبت الله قدميه يوم القيامة لا يذكر عنده إلا ذلك ولا يقبل من أحد قبله غيره يدخلون روادا (6)
(٣٤٩)