لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقع في أيديهم في بعض الحروب، فعوضه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق هديته، فجعل يطلب الزيادة حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته: " ما بال أقوام يهدون ما نعرفه أنه لنا، ثم لا يرضون بالمكافأة بالمثل ". وإنما لم يقبل هدية عامر لان أباه كان أجار سبعين نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قتلهم قومه، وهم أصحاب بئر معونة (1). وفى هذا قصة (2) معروفة، فلهذا رد رسول الله صلى الله عليه وسلم هديته.
93 - ثم قال محمد رحمه الله: يكره لأمير الجيش أن يقبل هداياهم. فإن قبلها فليجعلها فيئا للمسلمين (3).
وتكلموا في معنى هذا اللفظ. فقيل هذا ليس بكراهة التحريم، ولكن مراده التنزيه، لأنه إذا قبل هداياهم لا يأمن أن يتألفهم (4)، على ما جاء في الحديث: " الهدية تذهب وحر (5) الصدر (6). وقد أمرنا بالغلظة عليهم.
قال الله تعالى: {وليجدوا فيكم غلظة} (7).
وقيل المراد به لا يحل له أن يقبلها على أن يختص بها، ولكنه يقبلها على أن يجعلها في فئ (8) المسلمين، لانهم أهدوا إليه لمنعته، ومنعته بالمسلمين لا بنفسه. وكذلك إذا أهدوا إلى قائد من قواد المسلمين بخلاف ما إذا أهدوا إلى مبارز، فان عزته بقوة في نفسه فتسلم له الهدية.