شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٩٧
من مكارم الأخلاق. وقال صلى الله عليه وسلم: بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
فعرفنا أن ذلك حسن في حق المسلمين والمشركين جميعا.
92 - ثم ذكر عن كعب بن مالك قال: قدم عامر بن مالك، أخو البراء وهو مشرك. فأهدى للنبي صلى الله عليه وسلم فرسين وحلتين (1). فقال عليه السلام: لا أقبل هدية مشرك (2).
وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل هدايا المشركين.
وأنه أهدى مع عمرو بن أمية الضمري إلى أبى سفيان تمر عجوة، واستهداه أدما. فقبل هدية رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهدى له الأدم. وأن نصرانيا أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حريرا يتلألأ، فقبل هديته. وأن عياض بن حمار المجاشعي أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له:
أسلمت يا عياض؟ فقال: لا. قال عليه السلام: إن الله تعالى نهاني أن أقبل زبد (3) المشركين، أي عطاياهم.
وذكر الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زبد المشركين، أي عن قبول هديتهم.
فتأويل ما روى أنه لم يقبل من وجوه:
أحدها: أنه لم يقبل ممن كان يطمع في إيمانه إذ رد هديته ليحمله ذلك على أن يؤمن ثم يقبل هديته.
أو لم يقبل لأنه كان فيهم من يطالب بالعوض ولا يرضى بالمكافأة بمثل ما أهدى. وبيان هذا في قوله صلى الله عليه وسلم: " لقد هممت أن لا أقبل هدية الاعراب. وفى رواية: لا أقبل الهدية إلا من قرشي (34 ب) أو ثقفي ".
وأيد هذا ما روى أن عامر بن مالك كان أهدى إليه فرسين قد كان أحدهما

(١) ط " حليين ".
(٢) ه‍ " المشرك ".
(٣) الزبد بسكون الباء الرفد والعطاء (النهاية).
م - 7 السير الكبير
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»