شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٣٧٤
" 1. " كان الحسن بن فرقد جزريا، من ديار بيعة، في شمال الشام، صار في جند الشام أيام الأمويين وسكن حرستا في غوطة دمشق، وأوتي بسطة في الغنى. ثم انتقل إلى واسط، فولد له فيها ابنه محمد سنة 132 ه‍، وكانت الدولة الأموية قد زالت، وبدأ أمر العباسيين.
وانتقل محمد إلى الكوفة فنشأ بها. كانت الكوفة يومئذ مركزا من مراكز الفقه واللغة والنحو، كما كانت البصرة مركز الأدب واللغة والنحو. وكانت ملتقى كبار الفقهاء واللغويين والنحاة، كأبي حنيفة وأبى يوسف والثوري والكسائي والفراء وسلمة وثعلب. فأثرت هذه البيئة في تكوين ثقافة محمد بن الحسن، وجعلته ينصرف إلى اللغة والشعر وإلى الفقه والحديث، وساعده على ذلك أن أباه خلف له - إذ توفى - ثلاثين ألفا، أنفقها على ذلك. وقد اتصل بشيوخ كثيرين أخذ عنهم. فلازم أبا حنيفة أربع سنوات فلما توفى سنة 150 ه‍ أتم الفقه على أبى يوسف.
ثم أخذ يرحل إلى الكبار، فرحل إلى الأوزاعي عالم أهل الشام، وسفيان ابن عيينة في مكة، وعبد الله بن المبارك في خراسان. هذا إلى كثيرين أخذ عنهم في البصرة. على أن أهم رحلاته كانت إلى مالك في المدينة. فقد لازمه هناك ثلاث سنوات، وسمع منه الموطأ مرات. فجمع بذلك طريقة أهل الاستنباط في الكوفة وهم أهل الرأي، إلى طريقة مالك وطريقة الأوزاعي. فلما عاد شهر علمه فأقبل عليه الطلبة من كل مكان. وقصده كثيرون من بلدان بعيدة. وهناك اثنان كانا من أكثر من قصدة شأنا. الأول أسد بن فرات فاتح صقلية، فقد كان رأى مالكا وسمع موطأه، ثم جاء إلى محمد بن الحسن يسمع الموطأ منه أيضا،
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»