558 - فإن حمل عليهم المسلمون فانهزموا فأخذوا منهم الأسرى فلا بأس بأن يقتلوهم.
لانهم لم يراعوا حرمة الحرم. فيكون الحرم في حقهم بمنزلة الحل ابتداء وانتهاء.
بخلاف الصيد فإنه بعد الصيال إذا هرب لم يحل قتله.
لان الصيد غير عاقل، وإنما عاقل، وإنما يباح دفع أذاه عند قصده حسا، وقد رفع ذلك بهربه.
فأما الآدمي فعاقل يجوز دفع أذاه بقتله زجرا.
ولهذا شرع القصاص لمعنى الحياة. فكما يجوز قتالهم في الابتداء إذا قصدوا دفعا لأذاهم وزجرا لهم عن هتك حرمة الحرام، فكذلك يجوز قتلهم بعد الانهزام والأسر لمعنى الزجر عن هتك حرمة الحرم بطريق الاعتبار.
559 - وكذلك لو دخلوا الحرم مقاتلين ومعهم عيالاتهم، فهزموا وأخذت عيالاتهم فلا بأس بأن يؤسروا.
لانهم أتباع المقاتلة، وحين التحق الحرم بالحل في حق الأصول لهتكهم حرمة الحرم فكذلك في حق الاتباع فإن ثبوت الحكم في حق التبع بثبوته في الأصل.
560 - ولو كانوا قاتلوا في غير الحرم فقتلوا جماعة من المسلمين ثم انهزموا بعيالاتهم حتى أدخلوهم الحرم فحصلوا في الحرم منهزمين لا فئة لهم، لم يحل أن يعرض لهم ولا لعيالاتهم.
م - 24 السير الكبير