شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٣٧٥
فلما عاد إلى أفريقية نشر مذهب أبي حنيفة، بتأثير محمد بن الحسن، في أفريقية والمغرب، وعلى ضوء كتبه أتم تدوين الأسدية التي هل أصل مدونة سحنون.
والثاني كان الشافعي. فقد قصد إليه ولازمه واستنسخ مصنفاته، وأغدق محمد بن الحسن عليه من علمه ومن ماله. ثم عاد إلى مصر وأخرج مذهبه.
وهذا الاثنان كان يفرد لهما مجالس خاصة يأخذان بها عنه.
وثمة آخرون لهم شأن كأبي حفص الكبير، الذي أخذ عنه البخاري فقه أهل الرأي، وأبى سليمان الجوزجاني التي انتشرت به الكتب الستة، وأبى عبيد القاسم بن سلام، ويحيى بن أكثم، وإسماعيل بن توبة، وغيرهم.
وقد أتيح لمحمد بن الحسن أن يتصل بالخليفة الرشيد، فولاه قضاء الرقة، ثم عزله بعد فتياه في مسألة أمان الطالبي، وتعرض لغضب الرشيد وفتشت كتبه خوفا من أن يكونا فيها شئ مما يحض الطالبين على الخروج، ثم أصلحت بينهما زبيدة فعاد إلى مكانه عنده. وقد ولى قضاء القضاة قبل وفاته بمدة بعد أبي يوسف.
وكذلك سهم فيما ثار في عصره من مشكلات. فأبدى رأيه في خلق القرآن، والتجسيم، وتفضيل الخلفاء الأربعة وغير ذلك.
حتى إذا كانت سنة 189 خرج الرشيد إلى الري، ومعه محمد بن الحسن والكسائي. فمات محمد بن الحسن هناك وقد قارب الستين من عمره. ومات الكسائي أيضا. فيقال إن الرشيد قال: دفن الفقه واللغة في يوم واحد.
(٣٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 ... » »»