49 [باب ما يكون أمانا ومالا يكون] 533 - وإذا حاصر المسلمون حصنا في دار الحرب فناداهم رجل من المسلمين فقال: أنتم آمنون. وكان نداؤه إياهم في موضع لا يسمعون ذلك فليس هذا بأمان.
لان المقصود من الكلام إسماع المخاطب. فإذا علم أنهم لا يسمعون كلامه كان لاغيا في كلامه (1) لا معطيا الأمان لهم. ولو كان هذا أمانا لكان الواحد من المسلمين في هذه البلدة يؤمن الروم والترك والهند فلا يسع للمسلمين قتالهم حتى ينبذوا إليهم، فكل أحد يعرف أن هذا ليس بشئ.
فان قيل: في الأمان إسقاط الحد (2)، أو تحريم القتل والاسترقاق، وهذا يتم بالمتكلم به وحده، بمنزلة الطلاق والعتاق.
قلنا: لا كذلك، بل فيه إثبات صفة الامن لهم بكلام. ألا ترى أنهم لو ردوا أمانه لم يثبت الأمان. ولا يكون إثبات صفة الامن لهم بكلامه في موضع يعلم أنهم لا يسمعونه.
534 - ولو ناداهم بالأمان بحيث يسمعون الكلام وهو النداء (3)، إلا أن العلم قد أحاط أنهم لم يسمعوا، بأن كانوا نياما أو متشاغلين بالحرب، كان ذلك أمانا، حتى لا يحل قتالهم إلا بعد النبذ إليهم.